في الرياض.. هناك أزمة!!

الرياض هذه المدينة العظيمة حفلت بمشوار غير قصير مع التميز والرقي وفي وقت مبكر من نشأتها التطويرية الحقيقية التي بدأت منتصف القرن الماضي, حتى صار الارتقاء المتسارع وفق أرقى المواصفات المدنية والعمرانية مرادفا لها.
ومع النهضة الشاملة لمدينة ظلت مشكلة المرور تسبب صداعا لمن هو معني بالتنقل بين أرجائها أو حتى من هو بصدد زيارتها لأيام معدودة. نشير إلى ذلك ونحن ندرك أن أزمة المرور هي أزمة مرادفة للمدنية والحضارة فكلما زادت الأخيرة زادت معها أزمة المرور, بمعنى أن معظم عواصم العالم تعرف هذه الأزمة وهي في تسارع مع الحلول لأجل تفاديها ولو جزئيا.
المهتمون المنتمون لإدارة المرور في الرياض بدورهم في تسارع لأجل إيجاد الحلول, لكن ظلت الأزمة قائمة, حتى كادت هذه الإشكالية أن تصل حدا لا يجوز فيه القول إنها قابلة للحل, لا سيما وأنها تتزايد بشكل تدريجي مع الارتفاع المستمر في عدد السيارات, ولن نحتاج إلى مجهود إضافي كلي نلاحظ وبسهولة هذا المشهد المؤلم في معظم التقاطعات والشوارع الرئيسة ناهيك عن المناطق المزدحمة وما يحدث حول الأسواق, السيارات تتراكم إلى بعضها وتلتحم بشكل فوضوي ثم تتوقف الحركة بانتظار أن تتسرب عبر مخرج قد يؤدي إلى حل الاختناق, إذا لم يلتهمه الاختناق نفسه بعد فترة وجيزة.
وعليه ففي ضوء الإقرار بوجود هذه الأزمة فإن السؤال الذي يلهج به الجميع: لماذا تتفاقم هذه المشكلة شهرا بعد شهر وعاما بعد عام, رغم كل ما نتلقاه من المسؤولين عن الجهود المبذولة لحل هذه الأزمة؟! بل إن سؤالا أهم يظهر فحواه: أين مكمن الخلل بالضبط؟ هل هو في الحجم الكبير للحركة المرورية أم مسارات الطرق وتخطيطها, أم في السلوك الذي يتبعه السائقون؟!
تباطؤ الحلول أوجد تنظيرا من قبل من تلسعهم يوميا هذه الأزمة, فهناك من ينظر إلى أن كثرة السائقين الأجانب المعنيين بنقل النساء سبب أهم في الزحام ولا سيما وأنه قد أفضى إلى زيادة عدد المركبات إلى أكثر من النصف.
وهناك من يرى أن الازدحام المستمر في العاصمة الرياض هو تعبير عن الرفاهية الطاغية من قبل كثير من الأسر وبما يتجاوز الحد المعقول من خلال امتلاك كل أفرادها الذكور من سن السابعة عشر وما فوق لمركبة خاصة, ناهيك عن الكم الآخر من السائقين للنساء أو لطلبات المنزل الذي تفرضه هذه الرفاهية, وبما يجعلهم غير مبالين بما سينعكس عليه الأمر من ازدحام رغم وجود حلول سهلة تتمثل بسيارات الأجرة, أو النقل العام للتلاميذ والنساء.
هناك بعض آخر يرى أن تأخر العاصمة وعدم تهيئتها منذ وقت مبكر أي مع التخطيط الأولي خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الميلادي الماضي, التهيئة المطلوبة لأجل استخدام المواصلات العامة قد أفضى إلى ما هي عليه من ازدحام, ناهيك عن التنظير بشأن سلبيات أخرى, أهمها المطالبة بالتشدد في منح المقيمين من الوافدين رخصا لقيادة السيارات, وفي الأخيرة نرفض ذلك كما ترفضه كل التشريعات والقوانين المحلية في السعودية, لأن الناس سواسية في المعاملة والاستحقاقات سواء كانوا مواطنين أو وافدين.
وبعد فإننا نتفق على أن الأزمة تتفاقم وبخاصة في المعبرين الأهم والأكبر طريق مكة / خريص سابقا / وعلى طريق الملك فهد, فهل من بشرى تكون خلاصة لحلول خلاقة تنهي معاناة عشرات الآلاف, وتنهي الهدر المستمر للمال والوقت من طول الانتظار وحرق الوقود بلا فائدة؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي