دراسات الجدوى

أهنئ رئيس مجلس إدارة شركة المنتجات الغذائية على شفافيته وصراحته وجرأته في الإعلان عن أسباب تخفيض رأسمال الشركة، فقد وضع إصبعه على الجرح، حيث اعترف بأن الشركة اتخذت قرارات استثمارية في الماضي ثبت قطعياً لديه ولدى أعضاء المجلس المحترمين عدم جدواها الاقتصادية. ويعني هذا القرار الجريء من الناحية الفنية إطفاء خسائر هذه المشاريع وتصفيتها عن طريق معالجتها في حساب الأرباح والخسائر المرحلة والمبقاة مع تخفيض رأسمال الشركة بتلك الخسائر، ولكي تنطلق الشركة بصافي أصول منتجة يتم مقابلة إيراداتها بمصروفاتها، بدلاً من الاستمرار في الخطأ والذي ينتج معه استحالة مقابلة الإيرادات الحالية بمصروفات اعتمدت على أخطاء في الماضي.
هذا كلام جميل يتفق عليه الجميع، إلا أنه لا يمكن أن يمر هذا الموضوع بكل بساطة، فرأسمال الشركة يمثل أموالا أودعت أمانة لدى إدارة الشركة لاستثمارها وليس تبديدها. أنا لا أضع المسؤولية على من أدار تلك الشركات في الماضي أو الحاضر، بل تقع المسؤولية على الجهة، مهما كانت، التي درست الجدوى الاقتصادية لتلك المشاريع المتعثرة، وما هي المبالغ التي تم دفعها لتلك المكاتب لإجراء تلك الدراسات، وما هي المعلومات والبيانات التي اعتمد عليها في تحديد جدوى تلك المشاريع؟ إذا كانت تلك الدراسات بذل فيها العناية المهنية الكافية ثم تغيرت الظروف التي بنيت عليها افتراضاتها وتوقعاتها فالشكوى على الله. أما إذا لم يبذل في تلك الدراسات العناية المهنية الكافية فلتفصح إدارة الشركة عن ذلك حتى يتسنى للمتضررين رفع قضايا على تلك المكاتب لإرجاع حقوقهم ولكي تكون عبرة لمن يجرب علمه دون علم علينا.
أسئلة لا بد أن تجيب عنها إدارة الشركة إبراءً لذمتها لعلها يكون لها حقوق لدى تلك المكاتب تساعد على سد بعض الخسائر التي تعتزم إطفاءها.
كما أن اللوم يقع على الشركة لعدم عنايتها باختيار المكتب الصحيح أو البحث فقط على المكاتب الرخيصة دون التأكد من تأهيلها العلمي والمحاسبي. أيضاً اللوم يقع على الجهات المختصة التي لم تضع حتى الآن معايير مهنية ملزمة لمهنة الاستشارات أسوة بالمهن الأخرى مع أنها لا تقل أهمية وتأثيراً.
والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي