حضور يبحث عن مكان

في ظل سيطرة كارثة الأسهم على عقول الناس وتفكيرهم وأحاديث مجالسهم، تطالع الصحف يبهرك إعلان مميز بألوانه وتصميمه، ينتشلك من سكرة خسارة السوق ومن معاناة شاشات الأسهم ومن كوابيس المؤشر والأسهم الحمراء إلى فكر الشباب وعقلية المبادرين .. إنه الملتقى الأول لشباب الأعمال .. إعلان الملتقى يتميز برعاية كريمة من أمير الرياض، متوجاً بأسماء متوهجة من أمثال الدكتور سعد الغامدي نائب الرئيس في مجموعة عبد اللطيف جميل، والدكتور طارق السويدان، والدكتور سليمان السكران، والدكتور فهد السلطان، والأستاذ فواز العلمي، وكوكبة من المحاورين على رأسهم: تركي الدخيل، فهد الشميمري، وعبد الحميد العمري.
محاور وعناوين الملتقى لا تملك إلا أن تأسرك فهي تناقش تمويل الشباب وسوق الأسهم والاحتياجات الفعلية ولا داعي للتنويه بأنها كلها محاور مخصصة لشباب وشابات الأعمال، إضافة إلى محاور أخرى تطرق الحديد .. مثل الشركات العائلية والرؤية الاستراتيجية للاقتصاد السعودي ومنظمة التجارة العالمية والإبداع في تحويل الفرص إلى تحديات، ولا يخلو المهرجان من استعراض للتجارب الناجحة لبعض شباب الأعمال، وهي تجارب حقيقية وليست "فشنك" مثل بعض شركات الخشاش.
فكرة الملتقى لها قصة طريفة فيها من التحدي والإثارة ما فيها، ولعله سر أكشفه اليوم بصفتي أحد أعضاء لجنة شباب الأعمال، فقد رغب الشباب في المشاركة في منتدى الرياض الاقتصادي بورقة عمل تبث همومهم، وبألف واسطة حصلوا على موعد مع اللجنة المنظمة لجلسة استماع لعرض ما لديهم، إلا أن اللجنة اعتذرت منهم لضيق الوقت ولأسباب أخرى ليس هنا مجال حصرها (بمعنى آخر زحلقتهم)، فخرج الشباب من الاجتماع محبطين، فلمعت فكرة ماكرة بإقامة منتدى منافس خاص للشباب .. كله للشباب وليس ورقة عمل واحدة فقط، والأهم أنه بدون واسطة، وفي اليوم التالي عقد الشباب أول اجتماع لتنظيم الملتقى .. وهكذا أصبح الملتقى حقيقة واقعة، والحقيقة الأهم أن جميع المشاركين في التنظيم هم من الشباب حتى أن اللجنة المنظمة للملتقى أصرت على أن تكون الشركة المنظمة للفعاليات من شركات شباب الأعمال، فشكراً للجنة المنظمة لمنتدى الرياض الاقتصادي على اعتذارهم وتحفيزهم !! ولا أخفي سراً بإعلان رغبة الشباب أن يطغى الملتقى على المنتدى .. لذلك أربطوا الأحزمة فالشباب مقبلون.
في ملتقى شباب الأعمال تقدم لنا لجنة شباب الأعمال فكراً متقدماً ينتشل الشباب من أحلام الربح السريع والعمل القليل والنوم الكثير، إلى واقع الحياة ومسار العقل، ومن مهالك التطرف والإرهاب إلى معاقل الوطنية ومستقبل الأمة، لم تكن الأمم تتغير وتتطور إلا بأفكار وآمال الشباب، وما يقدمه الملتقى خطوة على الطريق في بناء الإنسان.
إن الاستثمار البشري الحقيقي هو الاستثمار في العقول، فهي دعوة لكل شاب يرغب في الاستثمار والاستزادة لحضور الملتقى فمن المكاسب التي سيحققها أنه سيستمع إلى آراء الشيوخ وسيستفيد من تجارب الشباب وسيناقش العقل ويكتسب حكمة، كما سيتعرف على أبناء جيله ممن لهم الاهتمام نفسه، وسيقابل المؤسسات التي تهتم بشأنه أو يفترض أنها ستهتم به، كما أنها دعوة لشيوخ الشباب ممن تجاوزوا الـ 40 ليسمعوا صوت الشباب.
يركز عنوان الملتقى على أن الشباب.. حضور يبحث عن مكان، هل يشتكي الشباب من نفاد المقاعد؟ أم من ازدحام الصفوف؟ ليبحث عن مكان! أم أن الشباب يرسلون رسالة للمجتمع ويشتكون من ضياع الصوت، ويؤكدون تجاهل المجتمع لرأيهم!
لا إجابة لدي.. ولكن قد تكون الإجابة في الملتقى.

فهد بن عبد الله القاسم

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي