كيف ستتعامل البنوك مع محافظ العملاء الحاصلين على تسهيلات بنكية؟

شهدت السوق ابتداء من يوم السبت الماضي انخفاضا حادا في مؤشرها وأسعارها, ووصل فقد الأسعار إلى ما يقارب 30 في المائة خلال أسبوع ومرشحة للهبوط أكثر خاصة في أسهم المضاربة والخاسرة, التي كانت أسعارها مرتفعة جدا ومبالغا فيها بقوة كبيرة, وبذلك خسرت أسعارها بنسب كبيرة, ولم يكن هناك استثناء لأي شركة عدا شركتي "أسمنت القصيم, وطيبة", ولن أخوض هنا في أسباب الهبوط أو ما يخص التأثير الخارجي الذي حدث، حيث تحدثت عن هذه الأسباب مرارا وتكرارا سواء في الجريدة هنا خلال الأسبوع المنتهي أو في القنوات الفضائية, ولكن أريد التركيز على السوق من الداخل كمؤشرات فنية, وتحليل للسوق, وأستبعد التأثير الخارجي.
يجب أن نقر أن السوق كانت بحاجة إلى تصحيح كما هي أي مرحلة من مراحل السوق, وهي كانت مهمة للسوق لكي يمكن أن نعتبر السوق منظمة وتصحح وترتفع كأي سوق, ولكن المرحلة السابقة كانت ارتفاعات بلا توقف وبدقة أكبر منذ أكثر من ثلاثة أشهر, وخلق كثير من الشركات فجوات سعرية كبيرة ولعل آخرها وأبرزها سهم "الكهرباء"، التي كانت من المؤشرات المهمة للسوق وكأنها ترفع جرس الخوف والحذر والتصحيح, وهذا ما حدث بالضبط حين ارتفع سهم "الكهرباء" بقوة هائلة، والمعروف عن هذا السهم أنه لا يتحرك إلا بمحفزات كبيرة ورئيسية, ومعروف للجميع تأثير سهم "الكهرباء" فنيا على المؤشر العام (مرفق رسم بياني) يوضح الارتفاع الحاد للسهم, ثم الانخفاض الحاد للسهم, وكان في رحلة الصعود قد خلق فجوات سعرية غير مبررة, وبالتالي كان يجب إغلاق هذه الفجوات السعرية, كقراءة فنية ومنطقية لأي سهم يخلق فجوات سعرية دون أي مبررات، وهذا ما حدث فعلا, وهو الآن يخلق الفجوة الأخيرة عند مستوى المقاومة التاريخي القديم وهي 196 ريالا, ويستمر في الهبوط ونلاحظ ما سيأتي بعدها. هذا مثال لإحدى الشركات القيادية المؤثرة في المؤشر العام, ولا ينطبق هذا على الأسهم الصغيرة الخاسرة التي ارتفعت بأرقام كبيرة لسبب أنها غير مؤثرة في المؤشر العام, فكأن أي ارتفاع لسهم الكهرباء بصورة كبيرة جدا وحادة يعني أن يعقبه انخفاض كبير كما حدث في أيار (مايو). يجب أن نقر أن الأسعار كانت خيالية في كثير من الشركات التي ليس لها أي مقومات مالية أي مراكز مالية معتبرة ورابحة, بل خسائر لا تنتهي, ووصلت أسعارها إلى أرقام تتجاوز وتنافس بها القياديات، وهذا غير منطقي نهائيا ولا يقر به أي محلل وقارئ للسوق.

المرحلة الأكثر حساسية
وأقصد بها أن استمرار الانخفاض سيخلق جوا من الخوف والرعب وعدم الأمان, وهذا يعني أن الجميع سيندفع لبيع استثماراتهم في الصناديق البنكية التي تمثل رؤوس أصولها الآن ما يقارب 120 مليار بأسعار الأسبوع المنتهي, وأن الاتجاه لتصفية العملاء الصناديق سيعني مزيدا من الضغط على السوق, ويجب على الجميع أن يقتنع بأن البنوك ليست مضاربة في السوق, وأنها مستثمرة، والنظرة بعيدة المدى لها, ويجب قراءة هذه المتغيرات أنها استثمارية ويجب البحث عن الأهداف بعيدة المدى, ولا أوجه هنا بأي قرار لأي مستثمر بقدر أن النظرة للصناديق المحترفة وهي تدرك ماذا تفعل أنها الأقل خسائر والأكثر قوة في هذه الأوضاع, وأن من يستثمر لا يخسر، بإذن الله، على المدى الطويل.
الشيء الآخر المهم هو أن تتجه البنوك لبيع محافظ عملائها الذين أخذوا تسهيلات بنكية وهذا أيضا خطير, فالبيع وتحقيق خسائر لعملاء البنوك سيعني كبر حجم الأزمة التي تحدث للعملاء وليس البنوك والضرر عليهم وعلى السوق بصورة كبيرة, من ذلك أطالب هيئة سوق المال ومؤسسة النقد بإيجاد آلية لحماية هؤلاء العملاء ومن يقع في هذه المشكلة التي يتوقع أن تكون نتيجة حتمية، لا سمح الله، خلال المرحلة المقبلة فيما لو حدث هبوط مستمر بالنسب التي نشاهدها نفسها, أرجو أن تكون هناك مراعاة لهذين العاملين المؤثرين من الخارج على السوق.

المؤشر العام
يلاحظ أن المؤشر العام يقترب من الدعم الكبير والقوي عند 18200 نقطة, وفي حال كسر هذا المستوى وبقوة سيعني بالتالي توجه المؤشر العام للسوق إلى 17650 نقطة, وفي حال كسرها أيضا سيتجه المؤشر العام إلى 17064 نقطة, وهذا لن يأتي بقوة الانخفاض إلا من خلال القطاع البنكي والصناعي بالدرجة الأولى, ونتمنى ألا يصل لهذه المستويات المنخفضة والحادة, ولكن المؤشر الآن يختبر مستوى الدعم عند 18200 نقطة, وفي حال الثبات فوق هذا المستوى لمدة ثلاثة أيام على الأقل سيعني، بإذن الله، انتهاء موجة الهبوط وبداية مرحلة استقرار وتذبذب, ويجب المراقبة لهذه المستويات بكل دقة.

الدروس المستفادة
يجب أن تكون هذه المرحلة مرحلة استفادة مما يحدث الآن في السوق, من خلال المضاربات الكبيرة بأسعار كبيرة جدا لا تملك أي منطقية فيها وكتبنا الكثير عنها, وأن نظام البيع للشركات الاستثمارية الكبرى بنظام القطيع هو خاسر في النهاية لأن الاستثمار يعني مدة زمنية متوسطة وطويلة لا مبرر للبيع للشركات الكبرى والاستثمارية القيادية, وأن نهتم أكثر بترسيخ الفكر الاستثماري أكثر من أي شيء آخر, وإن كانت المضاربات مهمة وموجودة، لكن يجب ألا تكون هي الأصل والاستثمار الاستثناء، يجب أن ندرك أي معنى للمضاربات التي توصل أسهما خاسرة ولا تملك أي شيء إلى الآلاف بأي منطق وعرف, إذا التركيز على الأصل والاستثمار في كل القطاعات هو الخيار الرابح في النهاية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي