أسواق النفط تترقب نتائج الاجتماع النووي وتقرير المخزونات الأمريكية
في الوقت الذي تظل فيه الأسواق الأمريكية مغلقة اليم بسبب عطلة الرئيس، الأمر الذي يقلل من حجم النشاط التجاري ومتابعة أسعار النفط بالتالي، فإن الأنظار ستتحرك في اتجاهين: متابعة اجتماع يوم غد الثلاثاء المنتظر بين روسيا وإيران بخصوص الملف النووي الإيراني، رغم أن طهران استبقت الاجتماع بالإعلان أنها سترفض المقترح الروسي بتخصيب اليورانيوم لديها، وهو ما يعني عمليا قفل نافذة للحل الديبلوماسي ويساعد على توحيد الجهود الدولية ضد إيران ووضع الأمر أمام مجلس الأمن بصورة نهائية مطلع الشهر المقبل.
أما الجانب الثاني الذي ستتركز عليه الأنظار فهو وضع المخزونات، خاصة الأمريكية، التي اتضح أنها تتزايد باستمرار. ومع قرب انتهاء فصل الشتاء واقتراب الربع الثاني في الوقت الذي لا تزال الدول الأعضاء في منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" تضخ كميات من النفط بأقصى طاقة متاحة لديها، فإن احتمال التأثير على الأسعار يبقى واردا. ولعل ما شهده الأسبوع الماضي من تراجع في الأسعار إلى أدنى معدل لها في غضون سبعة أسابيع مؤشر على هذا الاتجاه.
ويبدو أن هذا ما دفع وزير المعادن والمناجم الفنزويلي رافائيل راميريز إلى أن يطلق أول صيحة في الطلب إلى المنظمة النظر في خفض إنتاجها بمقدار يراوح بين نصف مليون ومليون برميل يوميا وذلك عند اجتماعها المقبل في فيينا في 8 آذار (مارس) المقبل، أي مراجعة قرار نهاية الشهر الماضي القاضي بقيام المنظمة بالحفاظ على سقفها الإنتاجي الذي اتفقت عليه في حزيران (يونيو) الماضي البالغ 28 مليون برميل، رغم أن الإنتاج الفعلي يتجاوز هذا الرقم.
وجاء التقرير الشهري للمنظمة عن حالة السوق ووضع العرض والطلب مساندا لهذا الاتجاه، إذ توقع تراجع الطلب على نفط المنظمة إلى 27.6 من 30.2 مليون برميل يوميا كانت وارداً. وفي التقرير، الذي صدر الخميس الماضي، قالت "أوبك" إنها تخفض توقعاتها للطلب هذا الشهر بنحو 200 ألف برميل يوميا إلى 28.5 مليون، وهو ما يزيد عن السقف المعتمد بنصف مليون برميل. وأضافت أن حجم الطلب على نفط المنظمة خلال الشهر الماضي بلغ 29.6 مليون برميل، متراجعا 169 ألف برميل يوميا من إنتاج كانون الأول (ديسمبر) الماضي، رغم أن إجمالي الطلب على النفط هذا العام يتوقع له أن يكون في حدود 84.64 مليون برميل يوميا.
على أن العامل الرئيسي الذي بدأ في البروز بصورة صارخة ما أعلنته إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأربعاء الماضي عن زيادة في حجم المخزونات. ورغم أن السوق بصورة عامة والمحللين كانوا يتوقعون زيادة في حجم المخزون، إلا أن حجم تلك الزيادة فاجأ الجميع فمخزونات النفط الخام زادت بنحو 4.9 مليون برميل يوميا، أي قرابة خمسة أضعاف ما كانت تتوقعه السوق إلى 325.6 مليون، وهي في الوقت ذاته أكبر زيادة منذ حزيران (يونيو) الماضي، الأمر الذي يجعلها تزيد على متوسط معدل المخزون خلال فترة السنوات الخمس الماضية بنحو 12 في المائة. ويضيف التقرير المنشور الأربعاء الماضي أن واردات النفط الخام إلى المصافي زادت 404 آلاف برميل يوميا إلى 10.26 مليون، كما زادت عمليات التكرير ورفع نسبة استغلال طاقة المصافي التكريرية إلى 86.1 في المائة.
وبالقدر نفسه حققت المخزونات التجارية من البنزين زيادة أكثر مما كان متوقعا وبنحو 2.2 مليون برميل إلى 225.5 مليونا، وحققت إمدادات البنزين بالتالي أكبر معدل لها منذ حزيران (يونيو) 1999. الشيء نفسه بالنسبة لنواتج التقطير التي زادت 900 ألف برميل إلى 136.9 مليون برميل، وهي زيادة كان تأثيرها أكبر نسبة لأن المحللين كانوا يتوقعون هبوطا في حجم المخزون منها بنحو 700 ألف برميل يوميا.
الأسعار التي اتجهت في النصف الأول من الأسبوع الماضي اتجاها نزوليا، عادت يومي الخميس والجمعة الماضيين لتعكس مؤشرها إلى أعلى، وهو ما يراه التجار والمحللون نتيجة عوامل فنية في الأساس، خاصة مع عطلة نهاية الأسبوع الطويلة في الأسواق الأمريكية، ورغبة المتعاملين في تغطية مراكزهم مسبقا. وشهد الأربعاء الماضي تراجع الأسعار إلى أدنى معدل لها منذ 27 كانون الأول (ديسمبر) الماضي عندما استقرت عند 57.60 دولارا للبرميل، لكنها عاودت الارتفاع بعد ذلك. وفي يوم الجمعة الماضي بيعت شحنات آذار (مارس) المقبل بارتفاع 73 سنتا إلى 59.19 دولار للبرميل في نيويورك. وفي سنغافورة بيع مزيج برنت بمبلغ 58.90 دولار للبرميل، محققا بذلك زيادة 24 في المائة في فترة الأشهر الـ 12 الماضية.
وفي مسح قامت به نشرة "بلومبيرج" الاقتصادية شمل مجموعة من التجار والمحللين وسماسرة الأسواق أوضح 49 منهم، أو ما يعادل 43 في المائة من الذين استطلعت آراؤهم أن الأسعار ستواصل الانخفاض هذا الأسبوع متابعة لما شهدته مطلع الأسبوع الماضي، مقابل 14، أو 29 في المائة من المستطلعين الذين يرون أن الأسعار ستتجه إلى الارتفاع في مواصلة لما انتهى إليه الأسبوع الماضي. وكانت النسب نفسها تقريبا قد ذكرت الأسبوع الماضي في التوقعات الخاصة باتجاه الأسعار.
على كل يبدو السوق موعودة مرة أخرى لحساب وضع الأسعار بمزيج من العامل السياسي وأساسيات السوق المتعلقة بالعرض والطلب. فالجانب الأول الذي تتصدره إيران، وإلى حد ما نيجيريا، وإلى أي مدى يمكن أن يؤثر موقفهما على وضع الإمدادات وقناعة العاملين بحجم المخزونات وقدرة بقية المنتجين على سد أي ثغرة يمكن أن تنجم عن وقف للصادرات الإيرانية. كذلك يتوقع لهذا الأسبوع أن يسهم في بلورة مواقف الدول الأعضاء في "أوبك" تجاه ما يمكن عمله استعدادا للربع الثاني وموقف الإمدادات من المنظمة وذلك استعدادا لاجتماع الشهر المقبل.