تذبذب أسعار النفط بين مطرقة الطقس وسندان الطلب

تنتظر الأسواق اليوم إذا كان الشعور بموجة الدفء المقبلة في الطقس ستواصل تأثيرها في الأسعار وتدفع بها إلى أسفل مواصلة لما كان عليه الوضع في الأسبوع الماضي، أم أن التقارير التي بدأت تتحدث عن انبعاث في النمو على الطلب سيلقي بظلاله ويدفع بالأسعار إلى أعلى مجددا، بعد التراجعات التي شهدتها فترة نهاية الأسبوع المنصرم. فالتوقعات الخاصة بالطقس تشير إلى أنه ابتداء من يوم غد الثلاثاء ستميل درجة الحرارة إلى الدفء، وهو ما عكس نفسه على الأسعار.
يوم الجمعة الماضي أغلقت الأسواق على أدنى معدل لها في غضون أسبوعين. ففي نيويورك تراجع الخام الخفيف الحلو من نوع ويست تكساس بقرابة الدولارين ليغلق عند 58.06 دولار للبرميل، وعبر الأطلنطي شهدت سوق البترول الدولية في لندن تراجعا مماثلا لخام برنت تسليم شباط (فبراير) بأكثر من دولارين ليغلق عند 57.13 دولار للبرميل.
الأسباب التي قيلت لتفسير حجم هذه التراجعات تتلخص في توافر كميات كبيرة من الإمدادات مع انخفاض في درجة البرودة واتجاه المتعاملين إلى قطف ثمار الأسعار العالية التي شهدتها الأسابيع المنصرمة. عنصر الطقس كان ولا يزال أساسيا في تحديد مسار الأسعار. وفي الأسبوع الماضي اتجهت التنبؤات الخاصة بالطقس إلى أنه ومنذ الأسبوع الثالث من هذا الشهر سيتجه إلى الدفء. ومع أن فصل الشتاء لا يزال في بداياته، إلا أن تنامي الحديث عن توقع موجة من الدفء بدأت تلقي بظلالها، وتتضح آثارها بسبب تحسن موقف الإمدادات والزيادة في المخزون.
إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أوضحت يوم الأربعاء الماضي وفي تقريرها الأسبوعي أنه وحتى التاسع من هذا الشهر تم سحب 202 مليار قدم مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي، وهي أكبر كمية تم سحبها في مطلع فصل الشتاء حتى الآن, ويظهر ذلك عند المقارنة بما تم سحبه في الأسبوع الأسبق، إذ بلغ حجم الغاز المسحوب 59 مليار قدم مكعب ومقابل 61 مليارا تم سحبها في الفترة المقابلة من العام الماضي. وهذا السحب أضاف إلى الكميات المتوافرة، وهو ما زاد من الإحساس بتوافر إمدادات ألقت بظلالها على السوق. وأضاف تقرير الإدارة أن حجم المخزون من الغاز الطبيعي بلغ 2.964 ترليون قدم مكعب، متراجعا 195 مليار قدم مما كان عليه قبل عام، لكنه يظل أكبر من المتوسط السائد لفترة خمس سنوات بنحو 107 مليارات قدم مكعب. ولا تستبعد السوق حدوث سحب مماثل هذا الأسبوع.
وشهدت أسعار كانون الثاني (يناير) تراجعا بنحو 89.8 سنت إلى 13.7 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية في نيويورك، وهو ما يشكل ثاني هبوط ولليوم الثاني على التوالي وليقفل عند 15.38 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية. وتراجع وقود التدفئة شحنات كانون الثاني (يناير) بنحو 5.7 سنت إلى 1.79 دولار للجالون.
ومن ناحية أخرى قالت إدارة الموارد الطبيعية في ولاية لويزيانا، إحدى الولايات المنتجة للنفط والغاز والمتأثرة بإعصار كاترينا إن 58.8 في المائة من إنتاج النفط الخام، أو 119.451 برميل يوميا تمت استعادته، وكذلك 66.5 في المائة من إنتاج الغاز الطبيعي، أو ما يعادل 1.5 مليار قدم مكعب. ومن جملة 55 خط أنابيب على اليابسة تمت إعادة فتح تشغيل ثمانية خطوط بكافة مرافقها، بينما تعمل 17 بصورة جزئية و30 لا تزال مغلقة.
من جانبها قالت الإدارة الفيدرالية لخدمات إدارة المعادن إن 126 منصة بحرية في خليج المكسيك لا تزال مغلقة وحتى منتصف هذا الشهر يوم الخميس الماضي، فإن نسبة 28.4 في المائة من إنتاج الخام، أو ما يعادل 426.282 برميل يوميا لا تزال مغلقة، وكذلك 22.3 في المائة من إنتاج الغاز الطبيعي، أو 2.2 مليار قدم مكعب. وعليه يصبح إجمالي الفاقد منذ أن ضرب إعصار كاترينا في الثامن والعشرين من أغسطس (آب) الماضي وحتى الخميس المنصرم يصبح 102.97 مليون برميل من النفط الخام إلى جانب 532.9 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، والأول يمثل 18.8 في المائة من حجم الخام المنتج و14.6 في المائة من حجم الغاز الطبيعي المنتج سنويا من رخص يتم اعتمادها بواسطة تراخيص فيدرالية.
وفيما يتعلق بالوضع العام للإمدادات قالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن الاحتياطيات التجارية زادت بنحو 900 ألف برميل إلى 321.2 مليون برميل، إن حجم الواردات من النفط الأجنبي حققت تراجعا بنحو 188 ألف برميل إلى 15.2 مليون برميل يوميا وفي الوقت الذي تعمل فيه المصافي بطاقة 89.6 في المائة.
العامل الجديد الذي بدأ يلقي بظلاله يتعلق بالمراجعة لمعدل الطلب واتجاهه إلى أعلى. فالنشرة الشهرية لمنظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) صدرت الأسبوع الماضي وهي تحمل توقعات بزيادة في الطلب بمعدل 100 ألف برميل يوميا عما كانت تقدره في السابق، الأمر الذي يرفع من حجم الطلب إلى 1.9 مليون برميل يوميا. ويلاحظ ان إدارة معلومات الطاقة في تقريرها الشهري الأخير عن التوقعات على المدى القريب سجلت أن معدل الأسعار قد يتراوح العام المقبل في حدود 63 دولارا للبرميل مقابل متوسط سعر بلغ هذا العام 57 دولارا وذلك استنادا إلى النمو في الطلب.
ومع تراجع تأثير عامل الطقس، فإن الأرقام الخاصة بنمو الطلب ستحتل موقعا متقدما لها في سوق التوقعات خاصة أن منظمة أوبك قررت وقف العمل بمقترح ترك مليوني برميل يوميا متاحة أمام المستهلكين وعودتها إلى الالتئام مجددا في نهاية كانون الثاني (يناير) المقبل للنظر في وضعية السوق ومؤشرات العرض والطلب. وإذا كان الاقتصاد الأمريكي تحديدا قد أظهر قدرة على التواؤم مع معدلات الأسعار المرتفعة، فإن علامات الاستفهام لا تزال تحيط بمعدلات الطلب في الصين وإلى حد ما الهند، وسيسهم عدم الوضوح في هذا الجانب في التأثير على تحركات الأسعار بمختلف الصور.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي