لا مرور ينفع .. ولا سحب رخصة يفيد!

[email protected]

من أشد ما يلفت النظر في شوارعنا،هي تلك الحالة شبه الهستيرية التي تسيطر على قادة المركبات دون استثناء، سواء كانت من قبل سيارات عادية أو ليموزينات أو شاحنات ، وحتى الناقلات الصغيرة للطلاب والطالبات . فمع الجلوس خلف المقود ، تنتهي الأخلاقيات وتحضر المنافسة والأنانية الشيطانية ، فلا أحد يقنع بأن يكون في الصف أو متأخراً خلف الآخرين حين السير .. الكل يبحث عن موقع متقدم ولا بأس إن ارتكب الممنوعات وأفضى إلى صنع الحوادث،وفي رمضان بالذات .. يا ساتر أستر .. المسؤوليات تختفي والأنانية النزقة تظهر سباقاً محموماً قبل الإفطار وبعده وإن كان الوقت الذي يسبق الإفطار حتى لو بساعة موعداً لتجربة السرعة القصوى لكل المركبات ، ولا بأس إن قطعت الإشارات ، أو تم رمي مسكين ملتزم بالنظام خارج مساره .. ناهيك عن الشتائم وحركات التهديد بوجه المركبة أو بخلفيتها تجاه من يحاولون أن يعيقوا سرعة المتجاوزين. أقول إن كل المثاليات والسلوكيات الحميدة تتوارى حين الجلوس خلف المقود لتحضر بدلا منها الأنانية وحب الذات، بل احتقار الآخر ومحاولة (رثمه) والأكيد أن مثل هذا هو ما يفضي إلى النسب العالية جداً في عدد الحوادث في بلادنا والتي باتت و(بلا فخر)ضمن القائمة الأولى عالمياً.
فالقيادة أولاً وأخيراً ذوق وأخلاق، وتجاهل هاتين الصفتين غالباً ما يؤدي إلى مشكلات وحوادث سير غير مبررة وغير مسؤولة. في مفهوم بعضنا أن من تنتهي حياته داخل المركبة فهو شهيد، وحسبنا الله ونعم الوكيل، لأن هذا رأي مقزز إذا ما كان المعني ممن يتجاوزون النظام ويضربون بالقوانين عرض الشارع، لأنه ليس من العقل ولا من المنطق أن ينهي الإنسان عمره ويفنيه داخل مركبة، بسبب تهوره ولا مبالاته.
النقطة الأهم أن بعض رجال المرور لدينا هم من المساهمين في تجاوز النظام فكثير من القوانين تخترق أمامهم ، ولا يحركون تجاهها ساكناً ، والأدهى أن التعليمات التي تم التشديد عليها لأجل تنفيذها كما هو حال أن ينزل رجل المرور لمحادثة المخالف والأخير داخل مركبته لم تنفذ إلا من قبل رجال مرور قليلين ، والسبب أن لرجل المرور شأنا أكبر من المخالف ، على الأخير أن يستكين له ، وعليه فلا بأس إن (داس) على مثل هذا القانون ، ونحن لأننا لسنا مثل غيرنا في الخارج .. فلنا خصوصيتنا ( وأمحق من خصوصية)!
أعود لأقول إن النظام المروري جدير بأن يكون مساهماً أكبر بضبط حركة السيارات ، قسراً أو ليناً ، لأن الشارع ملك للجميع ، وليس لأحد أن يفرض (عنجهيته) عليه،والأكيد أن من يخشى النظام سينقاد لأوامره .. وما يحدث أمام أعيننا هو عدم احترام لهذا النظام، والسبب التراخي القائم من لدن المرور، عفا الله عنّا وعنه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي