تطبيق مواصفات الجودة على المؤسسات الحكومية في المملكة(4)
يشير العديد من الدراسات إلى تدنى إنتاجية موظفي المؤسسات الحكومية في منطقة الخليج العربي بما في ذلك المملكة. ويذكر البعض منها أن معدل إنجاز الأعمال في كثير من المؤسسات الحكومية ينخفض إلى مستويات متدنية تقارب أو تقل عن الساعة يومياً، كما تنتشر ظاهرة التسيب وتنخفض معدلات الإنتاجية أثناء ساعات العمل. ويحدث كل هذا على الرغم من انخفاض معدل ساعات العمل المطلوبة وتكدس الموظفين في كثير من المؤسسات الحكومية. وانخفاض الإنتاجية وتردي جودة الخدمات في القطاعات الحكومية هي نتيجة لعدد كبير من العوامل، والتي من أهمها ضعف الإدارة الوسطى، واعتبار العمل الحكومي من قبل بعض الموظفين استحقاقا من استحقاقات المواطنة ولهذا يبذلون القليل من الجهد لأداء واجباتهم ويضعف لديهم الالتزام بأخلاقيات العمل. كما أن من أهم أسباب تردي الإنتاجية في القطاعات الحكومية عدم انتشار تطبيق معايير الجودة النوعية في المؤسسات الحكومية والذي أدى إلى ضبابية في وضوح أهداف المؤسسات الحكومية لدى كثير من موظفيها وغياب روح إرضاء المستهلك (المراجع) عنهم. ولا يمكن النهوض بمستويات إنتاجية المؤسسات الحكومية دون تبني معايير للجودة يتم بموجبها تحديد الفجوات في العمليات الإنتاجية داخل المؤسسات والعمل على التخلص من الأساليب منخفضة الكفاءة ثم اعتماد أساليب العمل السليمة وتنفيذها والمداومة على تطويرها للأفضل. ويعمل العديد من دول العالم على تطبيق معايير الجودة النوعية للمنتجات الحكومية. وتعتبر الحكومتان السنغافورية والماليزية من الحكومات الرائدة في تطبيق معايير الجودة على الإدارات الحكومية.
وكان العديد من دول العالم قد قرر أن تقوم جميع الإدارات الحكومية بالحصول على شهادات جودة آيسو منذ عدة أعوام. ونجحت كثير من دول العالم في تطبيق معايير الجودة على الخدمات الحكومية. وقد مكن تطبيق معايير الجودة على الخدمات الحكومية البلدان المعنية من تحقيق العديد من الإنجازات داخل الإدارات الحكومية. ويمثل الالتزام بالتوقيت وحسن المواعيد والحفاظ على الدقة وحسن التعامل وتوفير المعلومات والتواجد في أماكن العمل والأمانة والأمن وسرعة الاستجابة والكفاءة والفاعلية بعض مزايا إجراءات المؤسسات الحكومية مرتفعة الجودة.
وتسعى المملكة باستمرار لرفع أداء المؤسسات الحكومية ولا تدخر الدولة جهداً ولا مالاً في سبيل تحقيق الأفضل للوطن والمواطن. وسيمثل تطبيق معايير الجودة في معظم الإدارات الحكومية في المملكة نقلة نوعية في أداء تلك المؤسسات. وسيرفع تطبيق معايير الجودة على الخدمات الحكومية أداء الإدارات الحكومية وخصوصاً التي تتعامل مع الجمهور. ولا يمكن لأحد أن ينكر تحسن مستوى الكثير من الخدمات الحكومية بصورة كبيرة خلال الأعوام الماضية، ولكن يرى الكثير من الجمهور أن مستوى الخدمات الحكومية ما زال تحت المستويات المرغوبة وخصوصاً في بعض القطاعات كالتعليم والصحة والبلديات. وقد طبقت الهيئة العليا للسياحة مواصفات الآيسو على نفسها ونجحت في ذلك، وهي خطوة تستحق كل الثناء والتقدير. وينبغي أن تحذو كل الإدارات والمؤسسات الحكومية وخصوصاً التي لها صلة بالجمهور في تطبيق معايير الجودة.
ولاستخدام معايير الجودة في السلع والخدمات الحكومية فوائد جمة على الوطن والاقتصاد ككل، فهي تيسر عمل الإدارات الحكومية وتمكنها من إنهاء الإجراءات بسرعة وبدقة أكبر. وسيؤدي تطبيق معايير الجودة على الإدارات الحكومية إلى تطبيق الإجراءات السليمة والتي تساعد في سرعة وكفاءات القطاع الخاص وذلك بسبب خفض تكاليف البيروقراطية الحكومية. وسيسهل تطبيق مواصفات جودة الخدمات الحكومية من تحديد أماكن الخلل في الإدارات الحكومية ومنظوماتها مما يسرع وييسر من عمليات الإصلاح الإداري والمالي. وسيخفض تطبيق معايير الجودة من التسيب وقلة الانضباط في الإدارات الحكومية. وسيؤدي تطبيق معايير الجودة إلى تحديد المنظومات الإدارية والموظفين والمديرين المسؤولين عن ضعف الإنتاجية وتردي الجودة. إن تبني مواصفات الجودة في الخدمات الحكومية هي مسألة وقائية وليست علاجية، حيث سيقود الالتزام بها إلى إلغاء عدد كبير من معوقات العمل ويمنع تردي مستوى الخدمات الحكومية ويضمن جودتها ويرفع كفاءة أداء الأعمال باستمرار. ومن المتوقع أن يؤدي تطبيق معايير الجودة على المؤسسات والخدمات الحكومية إلى خفض تكاليف إدارة هذه المؤسسات ويحسن مستويات معيشة المواطن ويدفع بعجلة النمو الاقتصادي إلى الأمام.