الإرهابيون لا يصلون

[email protected]

كلما سمعت عن عملية إرهابية تقع في أي جزء من هذا العالم الواسع أضع يدي على قلبي خوفاً من أن يعلن عن وجود عناصر إسلامية خلف هذه العملية، فقد حرص الكثير، خصوصاً بعد تفجيرات 11 من أيلول (سبتمبر)، أن يربطوا الإرهاب بالإسلام أو بشخصيات إسلامية أو بأشخاص أسمائهم إسلامية مثل محمد أو عبدالله أو غيرهما من الأسماء التي تدل على أن هذا الشخص مسلم.
واستغل أعداء الإسلام تصرفات بعض الإسلاميين وأخطائهم ليلصقوا بالإسلام كل اعتداء إرهابي يحدث في أي مكان في العالم على الرغم من أن الإسلام بريء من هؤلاء فهم لا يمثلونه وهو لا يتشرف بهم، ومع ذلك فقد جاءت نتائج مفاجئة لدراسة بريطانية قامت بها دائرة مكافحة الإرهاب MI5 لتحديد معالم وخصائص الشخص الإرهابي نشرتها أحد الصحف المحلية نهاية الأسبوع الماضي لتؤكد أن غالبية الإرهابيين في بريطانيا غير ملتزمين ويجهلون الإسلام.
كما ذكرت الدراسة أنه لا يوجد أي خطوط عريضة موحدة مشتركة بين الإرهابيين، وأن غالبية الإرهابيين في بريطانيا هم بريطانيو الجنسية وليسوا مهاجرين غير شرعيين أو متطرفين إسلاميين أو حتى متدينين، كما أن نتائج الدراسة أوضحت أنهم ليسوا سيئي الطباع أو مختلين عقلياً، وأن أكثر من نصف المتطرفين البريطانيين هم من مواليد بريطانيا، وأن غالبية الإرهابيين لا يقومون بأداء الصلوات أو يلتزمون بالشعائر الدينية بشكل منتظم، وكثير منهم يفتقر إلى المعرفة في العلوم الإسلامية أو الدينية وجاهلون في أمور الدين، وأن قلة منهم لا تذكر نشأوا في بيئة متدينة، بل إن الغالبية العظمى من المتطرفين الأصوليين هم ممن اعتنقوا الإسلام أخيرا ومازال بعضهم يتعاطى المخدرات وإدمان الكحول وزيارة النساء، بل إن نتائج الدراسة أوضحت أن الالتزام العقائدي على عكس ما كان متوقعاً ثبت أنه يحمي الإنسان من الوقوع في التطرف والعنف والتحول إلى الإرهاب.
إن ديننا العظيم لا يحتاج إلى دراسة مثل هذه لتؤكد براءته من تهمة الإرهاب التي ما لبث الأعداء يبذلون كل جهودهم ويدفعون أموالهم في سبيل إلصاق هذه التهمة بالإسلام، ومع ذلك تأتي هذه الدراسة ومن بريطانيا لتؤكد أن الإرهابيين، وإن ظهر بعضهم أنه من المسلمين، فإن معظمهم لا يحمل من الإسلام إلا اسمه فقط.
لقد حرص الأعداء على عدم وضع تعريف واضح ومحدد للإرهاب واستغلوا هذا الأمر في إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام على الرغم من أن الإسلام ضد الظلم والعنف والإجرام والعدوان كما استغلوا قيام بعض المسلمين بتصرفات لا تمت للإسلام بصلة وحرصوا على تشويه الإسلام من خلال مثل هذه التصرفات. وعلى الرغم من عظم هذا الدين وحجم الجهود الضخمة حول العالم التي تبذل من أجل تعريف الناس بسماحته ورحمته إلا أن هناك فئة شاذة تأبى إلا أن تشوه هذه الصورة الجميلة من خلال تصرفاتها الضالة ومن خلال أعمالها الباغية والتي لا تمت إلى الدين بصلة.

إن مثل هذه الفئة هي واحدة من الفئات التي ابتلي بها هذا الدين وهناك فئات أخرى أيضاً سلكت طريقاً آخر للغواية قد لا يكون له صلة بالإرهاب لكنه ينشر الفساد والظلم بين الناس وقد حرصت هذه الفئة على أن تسلك المسلك نفسه وتتخذ من الدين غطاءً لأعمالها وتصرفاتها والإسلام بريء منها، وفي كل يوم تكشف لنا الأخبار زيف هذه الفئة وضلالها، وكيف أنها تتخذ من الدين وسيلة تنتفع منها سواءً مادياً أو معنوياً.
إننا بحاجة ماسة إلى أن نعمل دائماً على جعل هذا الدين في أجمل صورة ولن يتم ذلك إلا من خلال تمسكنا بتعاليمه وتطبيقنا أوامره وامتثالنا لنواهيه، وأن نجعل هذا الدين واقعاً في حياتنا نحتكم إليه في كل تصرفاتنا وأفعالنا، وأن نكون قدوة لغيرنا ومسؤولين عن تمثيل هذا الدين العظيم خير تمثيل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي