حابل ونابل وصحافة

لا أجد سببا لهذا الخوف الذي ينتاب صحافتنا المحلية من ممارسة دور أكثر فاعلية، يتجاوز بمهنيته الخبر والتقرير واللقاء والمقال، خاصة أن الصحافة في معظم دول العالم تمارس دورا فاعلا يتجه بالمجتمع نحو الانضباط، وسبق أن سألت أحد الصحافيين: لماذا لا تفتح صحافتنا ملفات الفساد وتكشف وتفضح وتعري الكثير من الأسماء والأماكن والتعاملات الخارجة عن القانون؟ وكانت إجابته مضحكة: "تبي توديني بداهية"، ولا أعلم حتى هذه اللحظة مدعاة الخوف من "داهية" طالما الإنسان يسهم في بناء مجتمعه وإصلاحه عبر وظيفته!
أقول ذلك بعد أن اتضح للقارئ دور الصحافة، إذ يأتي بملامح موجهة في كثير من الأحيان، ومكرر في كل الأحيان، لذا تلجأ بعض الأقلام للمواقع الإنترنتية هربا من سلطة رقيب ومخافة مسؤول، وهنا يختلط الحابل بالنابل، فالحابل يكتب بلا انضباط أو أمانة، ونابل يتخبط كي يثبت قدرته على الكتابة وتقديم المواضيع "الساخنة"، والسؤال هنا: ماذا لو فسحت صحافتنا المجال لأصحاب النقد وإن كان قاسيا على الأقل "كي تضبط" اندفاعهم من خلال مهنية واضحة، تربي الذات على الحوار واحترام الآخر، ولعل الكثيرين يعلمون أن ثمة دولا كبيرة لا توجد لديها وزارة إعلام!
قبل أسابيع أعلن وزير الصحة عن قضية رشوة، كما سبق وأن أعلن، وبعدها قام بعض أمراء المناطق بزيارة تفقدية لعدد من المرافق العامة والأجهزة الحكومية واستمعوا للشكاوى بشكل مباشر، وهنا تعلو صورة المسؤول الذي يبحث عن إبراء ذمته بالجهد والعمل والرقابة، وإن كنت أعتقد بقدرة الصحافة على ممارسة أدوار مشابهة في التحقق من إيجابية سير الأعمال الخدماتية مثلا بالمساءلة والمتابعة وسؤال المراجعين والعابرين المنزعجين من زحمة المراجعين!
أتمنى ألا تصبح رغبة تشابك العمل الصحافي مع دورة المجتمع اليومية حلما، فقد يصبح لها دور مهم حين تقتحم الأسوار والمكاتب لتكشف حقائق مغيبة، وبالتالي فإنها تساعد ذلك المسؤول وتسعى إلى مصلحة المواطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي