الرقابة على الشركات المساهمة في مشروع نظام الشركات الجديد
تلعب الشركات المساهمة دوراً مهماً في الاقتصاد الوطني وذلك بسبب ما تمتلكه من إمكانات مادية هائلة, وبسبب تنوع أنشطتها. ويسري عليها نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/6 وتاريخ 22/3/1385هـ .
ونظراً لمرور وقت طويل على صدور هذا النظام ولاتساع الحركة التجارية وتنوعها، فقد تم تطوير أحكامه وتحديثها لتواكب النمو المطرد في جميع قطاعات الاقتصاد الوطني السعودي، بهدف دعم مسيرة القطاع الخاص وزيادة إسهامه في تحقيق التنمية الاقتصادية والتفاعل المستمر بين المنشآت التجـارية والصناعية وغيرها والمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية التي تؤثر فيه ومنها انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية وإنشاء الهيئة العامة للاستثمار، وهيئة المدن الصناعية، وهيئة السوق المالية، وإنشاء مجلس حماية المنافسة، إضافة إلى الدور المتنامي الذي تؤديه الشركات في خدمة النشاط الاقتصادي الذي يعكس التزايد المستمر في أعدادها.
لهذا فقد تم إعداد مشروع جديد لنظام الشركات وتمت دراسته من قبل الجهات ذات الصلة وتم رفعه للمقام السامي؛ وهو يتضمن تعديلات جوهرية في النظام الحالي. ومن أهم التعديلات التي يتناولها مشروع النظام الجديد فيما يتعلق بالشركات المساهمة ما يلي:
يُعطي النظام الحالي لكل شركة اسماً تجارياً، وفيما يتعلق بالشركات التضامنية فتأخذ اسم أحد الشركاء، أما الشركة ذات المسؤولية المحدودة فيكون الاسم التجاري مأخوذاً من اسم أحد الشركاء أو يتم اختيار اسم معين، أما الشركات المساهمة فلابد أن تحمل اسما تجاريا.
يجمع مشروع النظام الجديد جميع الشركات في باب موحد ومستقل يتناول الأسماء التجارية، والحكمة من ذلك هي توحيدها في نظام خاص بها وفق نظام الأسماء التجارية.
تم تعديل رأسمال الشركة المساهمة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام بمبلغ 200 مليون ريال، ويلزم المشروع الشركات بطرح حد أدنى للاكتتاب العام بنحو 100 مليون ريال، يمثل 50 في المائة من رأسمال الشركة.
تم تخفيض القيمة الاسمية للسهم من عشرة ريالات إلى ريال واحد. والحكمة من ذلك هي تسهيل عملية الاكتتابات وجمع أكبر شريحة من صغار المساهمين وذوي الدخل المحدود.
ينص مشروع النظام على تعديل المواد الخاصة بالشركات المساهمة بما ينسجم مع قيام هيئة السوق المالية، والحكمة من ذلك هي تحديد صلاحيات وزارة التجارة ونقل بعض الصلاحيات إلى هيئة السوق المالية بحكم علاقتها المباشرة؛ وتم حذف بعض المواد الخاصة بالشركات المساهمة لانتقال الصلاحيات لهيئة السوق المالية حسب الاختصاص. وهذا من شأنه أن يعالج الازدواجية القائمة حاليا بين هاتين الجهتين في الإشراف والمتابعة للشركات.
تم إضافة فصل جديد من أربعة مواد ينظم مجلس الرقابة والذي من شأنه تفعيل الرقابة الداخلية على عمل الشركات المساهمة بشكل أفضل. ومن المعلوم أن لجان المراجعة في ظل النظام الحالي تتشكل من أعضاء مجلس الإدارة وبعض المساهمين، ولكن مشروع النظام الجديد ينص على ضرورة أن تكون تلك اللجان منفصلة عن الشركة نهائياً وتكون من المساهمين. والحكمة من ذلك هي ضمان عدم تأثير مجلس الإدارة في بقية المساهمين وإعطاء فاعلية أكبر في القرارات. والحقيقة إن الشركات المساهمة أصبحت في حاجة ماسة إلى رقابة أكثر من ذي قبل, خاصة بعد أن ازداد نشاطها في مجال سوق المال وغيره. فالكثير من المنشآت الاقتصادية المهمة لا تملك الأداة الرقابية الفاعلة؛ وإن امتلكتها فهي لا تُعطيها الاهتمام الذي يؤهلها لأداء وظيفتها بقدر فاعل. كما أن هذه الشركات في حاجة ماسة إلى وضع آليات تنظم عملها وتضمن حماية حقوق المساهمين.
يضيف المشروع الجديد مادتين جديدتين تهدفان إلى تنظيم أحكام شهادات الأسهم المفقودة أو التالفة، كما تم تعديل الفترة بين الدعوة لانعقاد الجمعية العامة والتاريخ المحدد للانعقاد وذلك بتخفيض المدة إلى عشرة أيام فقط لكفايتها، وتحديد مدة لا تقل عن عشرة أيام ولا تزيد على 30 يوماً من الاجتماع الأول لعقد الاجتماع الثاني أو أكثر لتمكين المساهمين من العلم والحضور.
تم تعديل المادة الخاصة باجتماعات الجمعية العامة غير العادية حيث يكون هناك اجتماع ثان أو أكثر.
يحدد المشروع نسبة الحد الأدنى لانعقاد الجمعية العامة غير العادية بنسبة 50 في المائة في أول اجتماع، و25 في المائة في الاجتماع الثاني، ومواصلة الاجتماعات في حال عدم تحقيق النصاب القانوني وبنسبة الاجتماع الثاني نفسها وهي 25 في المائة، والحكمة من ذلك هي المرونة في العمل بما يسمح باستمرار عمل الجمعيات العامة فيما يعود بالنفع على الشركة والشركاء.
يُضيف مادة تتعلق بتعزيز حق الجمعية العامة للشركاء في تخفيض رأسمال الشركة إذا زاد على حاجتها أو إذا منيت الشـركة بخسائر.
يتضمن المشروع باباً جديداً يعنى بتنظيم الشركات القابضة يشتمل على أربع مواد ليس لها تصنيف في نظام الشركات الحالي؛ حيث يصبح للشركات القابضة حق التملك في شركات أخرى تمكنها من السيطرة عليها من خلال الاحتفاظ بالنسبة الأعلى فيها.
تم تحديث وتعديل العقوبات؛ حيث أضيفت بعض الأمور الضرورية إليها.
تم حذف الباب 14 من نظام الشركات الحالي المتعلق بهيئة حسم المنازعات التجارية؛ حيث تم نقل اختصاصها إلى الدوائر التجارية في ديوان المظالم.
تم إضافة ثماني مواد جديدة إلى مشروع النظام تتعلق بالأحكام الختامية.
تضمن مشروع النظام الجديد نصاً يتعلق بالشركات المقفلة وهو ما سنتناوله في مقال لاحق ـ إن شاء الله ـ.