اجتماع جدة للطاقة في الميزان (3)
صدر في نهاية اجتماع جدة للطاقة، الذي استمر يوما واحدا، بيان ختامي جرى نصه الحرفي كما يلي:
"صدر اليوم عن المملكة العربية السعودية والأمانة العامة لوكالة الطاقة الدولية والأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي والأمانة العامة لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" البيان المشترك التالي:
بناء على دعوة كريمة من حكومة المملكة العربية السعودية وتحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله، التقى وزراء وممثلون عن العديد من الدول المنتجة والمستهلكة للبترول بحضور ممثلين عن صناعة البترول في العالم بصفة مراقبين بمدينة جدة في المملكة العربية السعودية يوم الأحد 18 جمادى الآخرة 1429هـ الموافق 22 يونيو 2008م لمناقشة الأوضاع الحالية للسوق البترولية.
وقد عبر المشاركون عن قلقهم إزاء الارتفاع الحاد الذي شهدته أسعار البترول وتذبذبها المستمر وذلك نتيجة لمجموعة من العوامل والأسباب، وقد سعى المجتمعون إلى التعرف على الأسباب التي أدت إلى هذا الارتفاع في الأسعار الذي تشهده السوق حاليا والنتائج المترتبة عليها وتقدموا بمجموعة من الاقتراحات التي تهدف إلى تحسين الوضع الحالي من أجل تمكين أسواق البترول العالمية من العمل بصورة فاعلة. كما أكد المشاركون أن أسعار البترول الحالية وحالة عدم الاستقرار والنقليات التي تشهدها السوق تضر بالاقتصاد العالمي وخاصة اقتصادات الدول الأقل نموا.
واتفق المشاركون على أن الوضع الحالي يحتاج إلى جهود مركزة من جميع الأطراف المعنية من جميع الدول المنتجة والمستهلكة والقطاعات المحلية في صناعة البترول والأطراف المعنية الأخرى، ومن أجل تحقيق الاستقرار في سوق البترول العالمية لمصلحة الجميع.
كما أن المشاركين آخذين في الاعتبار, الظروف والأولويات الوطنية المتنوعة في بلدانهم، إلى جانب اهتمامهم المشترك باستقرار سوق البترول العالمية وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام, أقروا بأهمية المحاور التالية:
إن وجود طاقة إنتاج احتياطية في جميع مراحل صناعة البترول يعد أمرا حيويا وبالغ الأهمية، من أجل تحقيق الاستقرار في سوق البترول العالمية، وعلى ذلك فإنه يجب زيادة الاستثمارات في جميع القطاعات المتعلقة بصناعة البترول، مثل: قطاعات التنقيب، الإنتاج، التكرير، والتسويق، وذلك من أجل إمداد الأسواق العالمية بكميات كافية من البترول وفي الأوقات المطلوبة. كما أن عوامل أخرى مثل التوقعات المتعلقة بسياسات الطاقة والاستثمار، إلى جانب الحصول الأمثل على التقنية هي عوامل مهمة وضرورية لتحقيق هذه الغاية.
ضرورة تحسين حالة الشفافية في الأسواق المالية والتشريعات المتعلقة بها عبر العديد من الإجراءات التي تهدف إلى إتاحة المعلومات والبيانات الخاصة بأنشطة مؤشرات الصناديق المالية، ومن أجل التعرف على التعاملات البيئية وتداخلها بين الأسواق البترولية الآجلة.
أهمية تحسين المعايير الخاصة بجودة البيانات والمعلومات الصادرة عن "مبادرة بيانات البترول المشتركة" الشهرية وتكاملها ونشرها في الأوقات المطلوبة، ومن أجل زيادة مستوى الجودة فيما يتعلق بشفافية السوق واستقرارها، فإن المشاركين يدعون المنظمات السبع المشاركة في "مبادرة بيانات البترول المشتركة"، منظمة التعاون الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادي، المكتب الإحصائي التابع للاتحاد الأوروبي، وكالة الطاقة الدولية، منتدى الطاقة الدولي، منظمة الطاقة في أمريكا اللاتينية، منظمة الدول المصدرة للبترول، وإدارة الإحصاءات في الأمم المتحدة، إلى بدء العمل في تجميع بيانات سنوية تتضمن ضمن أمور أخرى الطاقة الإنتاجية وطاقة التكرير وخطط التطوير في كل منها.
ضرورة البدء بتعاون مباشر وفوري بين وكالة الطاقة الدولية ومنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، إلى جانب أمانة منتدى الطاقة الدولي لإعداد تحليلات مشتركة لاتجاهات وتوقعات سوق البترول، إضافة إلى أثر الأسواق المالية في مستوى أسعار البترول والتقلبات التي تكتنفها، وذلك بغرض استخدام ذلك لاستيعاب أوضاع السوق بشكل أفضل.
أهمية تكثيف مساعدات التنمية التي تقدمها المؤسسات المالية ومنظمات العون الألماني الوطنية والإقليمية والعالمية، من أجل تخفيف حدة النتائج المترتبة على ارتفاع الأسعار في الدول الأقل نموا.
أهمية زيادة التعاون بين الشركات العالمية والوطنية وشركات الخدمات في جميع الدول المنتجة والمستهلكة في مجالات الاستثمار والتقنية وتنمية الموارد البشرية.
ضرورة تعزيز كفاءة استخدام الطاقة في جميع القطاعات عبر انتقال المؤشرات المتعلقة بأسعار السوق ونقل التقنية وتبادل أفضل للممارسات والتطبيقات في مجالات إنتاج مصادر الطاقة واستهلاكها.
وقد قررت الدولة المستضيفة والأطراف المشاركة في هذا البيان تشكيل فريق عمل، من أجل متابعة الخطوات المطلوبة من المحاور الواردة أعلاه متى ما كان ذلك مناسبا. وقد رحب المشاركون بالدعوة الكريمة التي وجهتها حكومة المملكة المتحدة لعقد اجتماع متابعة بشأن التطورات التي تطرأ على المحاور الواردة في هذا البيان في مدينة لندن قبل نهاية العام".
انتهى نص البيان، وقبل أن نبدي تعليقنا عليه، نود الإشارة إلى أن أهم ثمار انعقاد هذا الاجتماع مبادرة "الطاقة من أجل الفقراء"، التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز، الهادفة إلى تمكين الدول النامية من مواجهة تكاليف الطاقة المتزايدة، وفي حديث صحافي أدلى به الملك عبد الله إلى جريدة "السياسة" الكويتية بتاريخ 26/6/1429هـ الموافق 1/7/2008، أوضح أنه أطلق هذه المبادرة انطلاقا من إيمان المملكة بأهمية التعاون الدولي في شؤون الطاقة وإدراكها ضرورة مساعدة الشعوب الفقيرة التي تعاني ارتفاع أسعار النفط. وقد أعلن الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي أن السعودية ستدعو إلى اجتماع عاجل بالتنسيق مع البنك الدولي لتفعيل هذه المبادرة. كما أعلن سليمان الحربش مدير عام صندوق "أوبك" للتنمية الدولية أن المجلس الوزاري للصندوق سيعقد جلسة استثنائية للمرة الأولى منذ نشأته عام 1976، بهدف النظر في تنفيذ مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.
وأوضح الحربش أن ما ورد في خطاب الملك لا يدعو إلى إنشاء صناديق جديدة، بل هي مبادرة لدعم الصناديق القائمة بخصوص مشكلة الطاقة للفقراء. وطالب رئيس البنك الدولي مجموعة الثماني، التي تضم الدول الصناعية السبع الكبرى، الولايات المتحدة، اليابان، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، كندا، إيطاليا، إضافة إلى روسيا، بالوفاء بالتعهد الذي أخذته على عاتقها في قمة "غلين إيغلز" عام 2005، زيادة مساعداتها إلى القارة الإفريقية، وقال إن "مثل هذه المساعدات مطلوبة الآن أكثر من أي وقت، إذ إن إفريقيا تضم ثلثي الدول الأكثر تضررا من أزمة أسعار المواد الغذائية والطاقة".