الإرهاب.. هل نام الناس عن الخطر؟

العملية الكبيرة التي أحبطتها المؤسسات الأمنية يبدو أنها مرت لدى أغلبنا بسلام!!
ما الذي حدث لنا؟
عملية كبيرة بهذا الحجم التدميري الذي يستهدف مصدر دخلنا وبنية اقتصادنا ويحشد لها هذا العدد الكبير من المجرمين تمر وكأننا أحبطنا عملية سرقة لفرع بنك أو حتى بقالة!
صحيح أننا نتكل على الله ثم على يقظة مؤسساتنا الأمنية وإخلاص القائمين عليها والعاملين فيها، ولكن هذه العملية النوعية كان المفترض أن تشكل لنا صدمة.
يوم أمس وفي خطب الجمعة، كم عدد المساجد التي خصصت خطبة الجمعة للحديث عن خطورة الفكر التدميري الضال الذي أصبح يستهدفنا جميعا؟
نرجو ألا نكون قد تراخينا أو تساهلنا اجتماعيا في قضية الإرهاب وخطورتها الممتدة المتعدية في التدمير والتأثير وخطورة مصادر تغذيتها ودعمها، فالتساهل يعني التفريط بمقومات الاستقرار ومقومات الدولة ومصالح بلادنا ومستقبلها. إننا مطالبون بدعم كل الجهود التي تقاوم هذه الفئة العظيمة، دعم المؤسسات الأمنية، والأهم دعم العلماء والمشايخ الذين يجاهدون الفكر الضال بالحجة والدليل والحكمة والموعظة الحسنة، فهؤلاء يحتاجون أن نعينهم ولا نضعف موقفهم.
أيضا ثمة حاجة وطنية كبرى وضرورية لمواجهة الإرهاب والإجرام وكل مصادر الإخلال بالأمن وبالوحدة الوطنية، وهذه الحاجة هي في ضرورة تكاتفنا جميعا لتقوية الجبهة الداخلية والالتفاف على كل ما يجمعنا ويكرس استقرارنا، وتقوية الجبهة الداخلية يتحقق عبر توسيع قاعدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإشغال الناس بكل ما يؤدي إلى تعميق الرخاء الاجتماعي ومحاربة الفقر.
نحن نحتاج إلى المضي الجاد في تنفيذ المشاريع الكبرى في التعليم والإسكان والرعاية الصحية والاجتماعية وأيضا الإسراع في بناء مؤسسات القطاع الثالث (المجتمع المدني) بالذات المؤسسات الموجهة لرعاية الطفولة والشباب، وإعادة تنمية مفهوم الحي السكني الذي يقوم على مجتمع يتعارف أفراده وتقوم بينهم علاقات إنسانية تسهم في الضبط النفسي والاجتماعي.
في السنوات الماضية، المجتمع السعودي تبدلت فيه العديد من الأدوار والمهام، فالأسرة لم تعد تقوم بدور الحاضن والموجه كما كانت في السابق، كما أن التحول الكبير في التركيبة السكنية والارتحال المنظم للناس من الأرياف والقرى إلى المدن أفرز لنا ـ وسوف يستمر ـ ظواهر سلبية في التفاعل مع الحياة، والشباب هم أكثر المتأثرين، فهم في حالة استلاب وهروب اجتماعي وثقافي وهذا يولد فيهم حالة (تضارب المدركات)، وحالة الصراع هذه تقودهم إلى التمسك والتعلق بما يرونه يريح الذات من التضارب، فقد يتعلقون بالتدين ويكونون بذرة للغلو والتطرف، أو ينجرفون إلى الإجرام والمخدرات.
في سبيل تعزيز الجبهة الداخلية، قبل سنوات طرحت الكثير من الآراء والأفكار والتصورات لاحتواء الشباب عبر المؤسسات والمشاريع ولكن حماسنا واهتمامنا تلاشى وضاعت الأولويات وتبدلت الاهتمامات، وكأننا إزاء مشكلة عارضة طارئة، وها نحن نكتشف مدى حجم المشكلة وتعمقها. مؤسسات الدولة الرئيسية، بالذات مجلس الوزراء، نتمنى أن تعيد فتح ملفات المشاريع الموجهة لتربية الشباب، وطبعا تعميق وتكريس التعليم ودعم مؤسساته هو الضامن الأكبر لاستثمار الشباب واستثارتهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي