التحكم في ذراع اصطناعية عن طريق المخ
استطاع المهندسون في جامعة جونز هوبكنز من صناعة جهاز (على هيئة ذراع اصطناعية) لديها القدرة لترجمة الإشارات العصبية الصادرة من المخ. يستطيع المتطوع من فتح وإغلاق الذراع الاصطناعية باستخدام إشارات كهربائية صادرة من الدماغ وبعض الخوارزميات المصممة بالتحكم في الذراع عن طريق الحاسوب.
يتوقع علماء جامعة جونز هوبكنز الطبية أن يستخدم هذا الجهاز في التجارب السريرة بحلول عام 2009م. إذ إن التجارب التي أقيمت في مختبرات قسم الهندسة الطبية الحيوية, أثبتت نجاحها في غرفة العمليات بمستشفي الجامعة الواقعة في بالتيمور. صمم جهاز على شكل خوذه ووضع به أربعة وستون حساسا (أقطاب كهربائية) لمراقبة الإشارات الصادرة من الدماغ، وعصب به رأس متطوع يدعى (روب راسمونسن). تقوم الحساسات (الأقطاب الكهربائية) بالتقاط الإشارات الكهربائية الصادرة عن خلايا المخ (موجات الدماغ), ومن ثم ترجمتها إلى إشارات رقمية وإرسالها على شكل نبضات متتالية إلى أجهزة رقمية تحولها إلى نبضات تعرض على شاشتين عريضتين أحداهما لعرض وتسجيل إشارات المخ الصادرة عن الأربعة والستين قناة (الأقطاب الكهربائية). بينما تعرض على الشاشة الأخرى نتائج تحكم إشارات الدماغ في الذراع الاصطناعية عن طريق الإشارات العصبية الصادرة من المخ. ويجب توفير نطاق عريض (واسع) لاستيعاب هذا الكم الكبير من المعلومات الرقمية الصادرة من المخ للتحكم في حركة الذراع الاصطناعية.
تقوم الأقطاب الكهربائية بالتقاط الإشارات الصادرة عن الدماغ، وتكون انعكاساً لما يحدث بالمناطق ذات الحركات في المخ. وفي هذه الحالة استطاع راسمونسين من التفكير في تحريك اليد الاصطناعية عن طريق المخ, وذلك بالحفاظ على إيقاع منتظم يمنع التزامن فما بين الجانب الأيسر والأيمن من الدماغ. فهو يستطيع تحريك إصبع القدم الأيمن باستخدام الجانب الأيسر من الدماغ (والعكس بالعكس). وهذا أمر أساسي يجب تطبيقه بمجرد التفكير في نمذجة إشارات المخ (الدماغ البشري). استغرق تدريب المتطوع (راسمونسين) أربع سنوات من الجهد المضني لكي يتحكم في حركة الذراع الاصطناعية أو الذراع البشرية عن طريق الإشارات المنبعثة من الدماغ وبموافقتها مع تلك التي تظهر على الشاشة أمامه. من خلال التدريب, استطاع فتح نافذة ذهنية داخل دماغه يمكن من خلالها أن يرى الإشارات التي تظهر أمامه على الشاشة والتحكم فيها على الدوام. كذلك استطاع التحكم في تحريك أطرافه اليمنى عن طريق الإشارات الصادرة من الجانب الأيسر للمخ. عندما يحاول تحريك يده, فإنه يجعل جميع الإشارات في حالة سكون, وعندما لا يفكر في تحريك الذراع, تعود الإشارات إلى وضعها الطبيعي أمامه على الشاشة.
يجب أن تكون ذراعه الحقيقة في استرخاء تام لكي يستطيع إعادة الإشارات إلى وضعها الطبيعي. عندما يرغب في إصدار أوامر لتحريك أصابع اليد الصناعية، تظهر أمامه على الشاشة صور متحركة ورسوم بيانية. عندما يبدأ التفكير في شيء جديد, فإن إشارات الدماغ تزداد قوتها وحركتها على الشاشة, كذلك الذراع الاصطناعية تبدأ الحركة و إصدار ضجيج.
هناك محاولات جادة في صناعة برامج وحواسيب عندها القدرة على ترجمة معظم إشارات الدماغ, أي بجعل الحاسوب واجهة حقيقية للدماغ Brain-Computer interface (BCI).
المفتاح الحقيقي للتحكم في حركة الذراع عن طريق الإشارات الصادرة من المخ مشروع كبير قامت به وزارة الدفاع الأمريكية، ويعرف بمشروع (مانهاتن), لتهيئة الجيل القادم لسيطرة الدماغ الاصطناعية. وهذا المشروع وزع على عدد كبير من الجامعات الغربية (أمريكا, وكندا, وأوروبا). ولمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع يمكنكم زيارة الموقع التالي: http://www.spectrum.ieee.org/apr08/6181 سنحاول في المقال المقبل (إن شاء الله) التطرق إلى هذا الموضوع بشيء من التفصيل.