"ليش" رجال الهيئة بالذات؟
أتعجب كثيرا من السياسة الخبرية للعديد من الصحف المحلية حين تخصص مساحاتها لأخبار الجرائم أو تلك التي يصاحبها بعض الأخطاء، إذ تصبح المساحة صغيرة وتكاد لا ترى "بالعين المجردة" متى ما كانت الفرقة القابضة من غير رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كأحد أجهزة الضبط الجنائي، حيث يلاحظ أن هناك الكثير من محاولات تصعيد أخطاء هذا الجهاز والتعامل معه بشكل عدائي من خلال المساحات الكبيرة التي تفرد لأخبار أخطاء الهيئة وكأننا أمام خبطة صحفية، مع ملاحظة اعتماد مؤثرات لفظية لفرض رأي "خاص" على الرأي العام، وللأسف أن هذا الأسلوب بات مكشوفا ويحمل الكثير من الجهد "اللاأخلاقي" حيث إن الإساءة لهذا الجهاز والتقليل من رجاله أصبح المطلب الرئيس للشهرة و"فرد العضلات" والنجومية، لذا لا عجب حين نقرأ الكثير من الروايات التافهة والمبنية على "حكي فاضي" ويسقط بين سطورها الغمز واللمز ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كي يظهر حينها الكاتب وكأنه جريء و"مافي مثله"!
وأنا هنا لست أميل لنهج دون آخر: سواء نهج الدفاع أو الهجوم، بل أعتمد الرصد كمتابع ومواطن، فإن كان تحسين أداء هذا الجهاز مطلب "عام" فمن الأولى أن يتجه الإعلام لكشف الخلل بهدوء ومناقشته عبر خطاب أكثر اتزانا وأقل حدة ، فخطى الإصلاح تحتاج لحوار يجمع كل الأطراف مع عدم إغفال أن هذا الجهاز يسعى لتحقيق انضباط شرعي وفق ضوابط حددها النظام، والخروج عن هذه الضوابط سيمر عبر القنوات الحكومية المسؤولة عن المحاسبة. لذا نعم للمحاسبة والمساءلة دون التجريح أو التكتل لصناعة هجوم بدافع "فكري" لا يتفق مع مسار الطرف الآخر أيا كان.
كما أنه لا يمكن إغفال الخطأ الوارد في أي عمل، وأن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهاز مجتهد ولا يقلل من أهمية وجوده الأخطاء التي قد يرتكبها بعض منسوبيه، فجميع الأجهزة الحكومية تقع في الخطأ، ولكن لماذا يتم تضخيم أخطاء رجال هذا الجهاز في حين لا يتم تضخيم جريمة ارتكبها طبيب بعد أن أخطأ في تشخيص حالة وتسبب في وفاة المريض.
أقول: لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أخطاء كما لأي جهاز آخر، ولكن هناك من يبحث عن علاج وهناك من يبحث عن أشياء أخرى!