المعاملات الإسلامية للأفراد.. استغلال واضح وجشع
يحرص السواد الأعظم من أفراد مجتمعنا المسلم – و لله الحمد – على اتباع الطرق الشرعية للحصول على قروض استهلاكية من البنوك أو عند شراء مساكن أو سيارات من منشآت تمارس البيع بالتقسيط، لهذا لا غرابة أن تصل قيمة القروض التي منحتها البنوك التجارية للأفراد إلى رقم ضخم يزيد على 180 مليار ريال مع ملاحظة أن هذا المبلغ لا يشمل القروض التي تمنحها شركات بيع السيارات أو تقسيط المنازل أو الشركات التي تمارس الإقراض من خارج النظام المصرفي وهي بالمناسبة منشآت كثيرة وتتزايد أعدادها بشكل ملاحظ رغم أن بعضها يمارس هذا النشاط دون تصريح رسمي.
ومع الإقبال الكبير من قبل الأفراد على المعاملات الإسلامية للحصول على قروض تمويلية كان من الواجب على الجهات المختصة ممثلة بمؤسسة النقد ووزارة التجارة أن تصدر ضوابط ملزمة لجميع الجهات المقرضة تحفظ حقوق الأفراد من جهة وتمنع استغلاهم من جهة أخرى، فالأفراد يقدمون ضمانات لا تقدمها كبرى الشركات لضمان تسديد ما عليهم من مستحقات منها تحويل إجباري للراتب طيلة مدة القرض مع السماح بخصم قيمة القسط قبل أن يستقر الراتب في الحساب إذا كان القرض نقدا أما إذا كان عينا فهو يظل مسجلا باسم المقرض حتى يتم تسديد آخر قسط.
ورغم الثغرات التي يعانيها سوق التقسيط وهي كثيرة وخطيرة للغاية وسبق أن نوهت عنها مرارا دون فائدة تذكر فإني هذه المرة سأركز على موضوع الاستغلال فقط وأعني به إثقال كاهل المقترض الفرد بفوائد كبيرة تتجاوز الفوائد التي تتقاضاها الجهات المقرضة من منشآت القطاع الخاص رغم فارق الضمانات التي يقدمها كل منهما، فالفرد يقدم ضمانات لا تقدمها أية شركة تقترض من البنك نفسه ومع ذلك تتقاضى منه فوائد أعلى لمجرد أنه فرد.
إن المعاملات الإسلامية للأفراد تكلفهم ضعف ما تكلف الشركات لعدة أسباب منها أن الفوائد مركبة وتزيد على معدل الفائدة بين البنوك بشكل كبير، بينما الفوائد على قروض الشركات بسيطة ولا تزيد كثيرا عن متوسط الفائدة بين البنوك.
هل يعقل أن يستغل هذا المسكين ـ وأعني به الفرد ـ لمجرد أنه فرد لا حول له ولا قوة؟ وهل يعقل أن تراقب الجهة المعنية هذا الأمر وتسكت عنه؟ وهل هذا يعد عدلاً؟ أم استغلالا يعاقب عليه القانون؟
هذا الاستغلال ليس الوحيد الذي تمارسه البنوك تجاه الأفراد فهم يوقعون على اتفاقية فتح حساب دون أن يكون لهم دور في صياغتها ويوقعون على اتفاقية للدخول على حساباتهم عن طريق الإنترنت دون أن تحفظ حقوقهم ويوقعون على اتفاقية للتداول في الأسهم تحفظ حقوق البنك وتحميه لكنها لا تحفظ الحد الأدنى من حقوق العميل، والبنك لدينا من حقه أن يطالب العميل بأية مبالغ خاصة ببطاقة الائتمان دون أن يكون له الحق في الملاحظة عليها قبل السداد، أي سدد ثم طالب، أخيرا لا أستطيع تفسير تقاضي البنوك لدينا فائدة تصل إلى 20 في المائة سنويا في وقت تبلغ فيه الفائدة الرسمية 4 في المائة وهذا يحصل عند تقسيط المبالغ المستحقة على بطاقات الائتمان، أسئلة حائرة سأظل أرددها إلى أن يوفق المسؤولون في الجهات المختصة لحفظ حقوق الأفراد ليس إلا!