الصين تقلب الموازين الاستراتيجية

[email protected]

هل الصين سوف تصبح المنافس الحقيقي لأمريكا في غزو الفضاء في المستقبل القريب؟
وهل سيكون هناك تحالفات إستراتيجية بين الشرق والغرب - الصين ودولة روسيا وبعض الدول الصديقة لهاتين الدولتين من جهة، والولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول أوروبا من جهة أخرى ؟
هل سوف يكون هناك تحالفات أخرى في هذا الكون إلى جانب التحالفات الحالية؟
ماذا سيكون دور العرب والدول الإسلامية ودول إفريقيا وأمريكا الجنوبية في هذه التحالفات؟
باستحضار الماضي وتفحص الحاضر واستشراف المستقبل، نجد أن التكتلات الاقتصادية والعسكرية، أصبحت ضرورة للدول العظمي وعنصرا أساسيا لبقائها. الحرب العالمية الأولى – على سبيل المثال - كانت أقل تكتلات دولية من الحرب العالمية الثانية، بعد دخول دول عظمى جديدة لم تكن ذات فاعلية في الحرب العالمية الأولى، مثل: أمريكا واليابان والاتحاد السوفياتي. إذا كان هناك حرب ثالثة - لا سمح الله -، فقد نرى دولا عظمى جديدة ذات تأثير كبير في مجريات الأحداث مثل الصين والكوريتين بعد اتحادهما والهند، وقد تنظم دولة باكستان إلى الركب إن سَلِمت من الحروب الأهلية.
هنا لا أقصد التحليل السياسي لأنني لست من أهل السياسة، ولا أجيد التحليل السياسي لأنه علم تقل فيه القواعد الرياضية، ولا يخضع للتحليل المنطقي، وبعيد كل البعد عن قوانين الطبيعة. لكن أريد أن أتطرق إلى حقيقة واضحة وضوح الشمس.
ما هذه الحقيقة؟
أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية – ناسا – صاروخا لدراسة ظاهرة –الشفق القطبي- في المنطقة الشمالية القطبية، علماً بأنها ظاهرة طبيعية معروفة منذ الأزل. وتعد هذه الظاهرة عند أغلب العلماء طبيعية بسبب تفريغات كهربائية في طبقات الجو العليا ذات الضغط المنخفض.
إذا ما سر اهتمام أمريكا المفاجئ بهذه المنطقة؟
الأمر له بعد استراتيجي، إذ إن ولاية - ألاسكا - بعيدة جداً عن أمريكا ولا يربطها بها إلا شريط ضيق بجوار الشواطئ الكندية. ولاية ألاسكا تعتبر أقرب نقطة إلى دول شرق آسيا - روسيا والصين -. وضعت أمريكا في هذه الولاية منظومة متقدمة من الرادارات لكشف ومراقبة دول شرق آسيا عن قرب. ويقال إن السبب الرئيسي وراء هذا الاهتمام المفاجئ الإنجازات الفضائية الصينية التي تمت خلال السنة الماضية، والتوجهات المستقبلية لدى دولة الصين في غزو الفضاء. وقد أكدت الصين تفوقها في مجال الفضاء بعد إسقاطها قمرا صناعيا كان مخصصاً للأرصاد الجوية بصاروخ بالستي، وإطلاقها قمرا آخرا في مجال الخدمة الملاحية، وقد ينافس منظومة الأقمار الملاحية الأمريكية لتحديد المواقع Global Positioning System GPS والمستخدمة عالمياً لجميع المركبات المتحركة على الكرة الأرضية، براً وبحراً، سواء كانت عسكرية أو مدنية.
تعد الصين الدولة الثالثة في العالم لغزو الفضاء، حيث إنها نجحت في إطلاق سفن فضائية غير مأهولة، ثم أطلقت سفناً مأهولة برواد في عام 2003م، لتصبح ثالث دولة ترسل رجلاً إلى الفضاء على متن صاروخ خاص بها، وبعد ذلك أرسلت الصين اثنين من روادها إلى الفضاء في رحلة لمدة خمسة أيام على مركبة – صاروخ- فضاء خاصة بها في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2005 م. ولديها خطط واضحة لإطلاق 15 صاروخاً و 17 قمراً في عام 2008 م، إضافة إلى إطلاق مركبة ثالثة مأهولة في العام نفسه. وقد ذكر الإعلام الرسمي لصين أنها تعتزم إطلاق ثالث مهمة فضائية مأهولة تعرف بـ (شينزهو 7) في تشرين الأول (أكتوبر) لتسهيل المهمة المشتركة مع روسيا لاكتشاف المريخ في عام 2009م. وهذا يعزز احتمالية التحالفات المستقبلة بين الدول العظمى. كذلك أصبحت الصين منافساً تجارياً قوياً لأمريكا وأوروبا في إطلاق الأقمار الصناعية المدنية لدول أخرى.
وأخيراً هل هذا هو سبب اهتمام أمريكا المتأخر بالقارة الشمالية ؟ وهل يعد هذا - في الحساب الأمريكي - استيقاظا متأخرا، بعد أن اكتشفت أن هناك منافسا قويا، قد ينافسها اقتصادياً وعلمياً وعسكرياً؟ هل ستُقلب الموازين الاستراتيجية في القوى خلال الأعوام القليلة القادمة؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي