الدول العربية وترسيم الحدود الإعلامية!
[email protected]
لا أبالغ حين أقول إننا غالبا ما نصاب بالإحباط المسبق لأي اجتماع يقام من قبل الجهات العربية سواء كانت تلك الاجتماعات اقتصادية أم إعلامية أم سياسية, وذلك في الحقيقة ليس تقليلا من الشأن العربي أو الجهود العربية التي تبذل كي تصب في تحقيق هدف معين, ولكن المبالغة العربية في تكرار خلق التفاؤل من قبل وسائل الإعلام العربية أدت بدورها إلى ارتفاع مستويات التوقع الإيجابي من قبل الشعوب العربية حيال أي اجتماعات أو قمم أو عربية, في حين تزامنت تلك العوامل مع انعدام حدوث التغير الجوهري في الوضع العربي بما يدفعه إلى الأفضل, وبالتالي فإن ذلك هو ما يبرز نوعا من التقصير العربي الواضح في نقل تلك الاستراتيجيات النظرية إلى أهداف تطبيقية تعكس ولو نوعا من الجدية أو الالتزام بما يقرر أن يكون من البداية.
إن اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب المنعقد في مقر الجامعة العربية في القاهرة, الذي تضمن جدول أعماله نقطة مهمة جدا أشارت إلى اعتماد وثيقة مبادئ تنظيم البث الفضائي, اجتماع في جوهره يمس الكيان الإعلامي للدول العربية, وتحديدا فيما يندرج تحت عنوان القنوات الفضائية العربية التي في الواقع تحتاج إلى سرعة (فلترة), وذلك ليس فيما يتعلق بكبت الخطوات الإعلامية أو ما يسمى (حرية الإعلام), وإنما تقدير أهمية الحد من العديد من التجاوزات التي تحدث خلف شاشات العديد من الفضائيات وعلى مختلف الأصعدة التي ربما تخرج لأهداف في الحقيقة تتجاوز كونها مجرد برامج تلفزيونية فضائية. ومن هنا أعتقد أننا في حاجة ماسة إلى ترسيم حدود جديدة ليست فقط تلك التي تتمثل على تضاريس الخريطة السياسية, ولكننا يجب أن نضع ترسيما حقيقيا للحدود الإعلامية على المستوى العربي على وجه الخصوص, هذا إذا أردنا أن نحافظ ولو على أدنى مستويات السلام العربي. الأمر ليس صعبا ولا هو بالمستحيل ـ كما يرى البعض, ولكن هناك من لا يريد أن يكون تحت مجهر المسؤولية المباشرة فيما إذا حدث التزام فعلي بما يجب الالتزام به, هذا من جانب, أما من جانب إثبات الهوية العربية بشكل عام فلم نجد حتى الآن أي تعاون عربي حقيقي مشترك منذ انطلاق القنوات الفضائية العربية يرسم خطوطا عريضة لما يجب أن يبث وما لا يجب أن يبث للمجتمعات العربية عامة وللأسرة العربية تحديدا, والدليل أن من يتابع الفضائيات العربية يرى ضعف الموضوعات وعجز الطرح والاستهانة الواضحة بالمشاهد العربي الذي لا يحترم حتى في وضع التحذير أو التنبيه من قبل المحطة عما إذا كان برنامجا ما يقتصر على عمر زمني معين! بل يعد القائمون على تلك الفضائيات العربية هذا أمرا ثانويا, وفي النهاية يظل على المتلقي العربي العبء الكامل كما اعتاد دائما في تصنيف الغث عن الثمين, هذا إن وجد من الأصل, شيئا ثمينا يقضي بعض الوقت ليستفيد منه.
والسؤال هنا: هل فعلا يستطيع وزراء الإعلام العرب إلزام القائمين على الفضائيات بوضع خطة ويتم تفعيلها سواء على مستوى علاقات الدول العربية ببعضها أو على مستوى ما توجهه تلك الفضائيات إلى الشعوب العربية شريطة أن تدفع تلك الخطة الإعلام العربي إلى الأفضل؟
أعتقد أن الأمر ربما يكون صعبا إلى حد ما ولكنه في النهاية غاية في الأهمية!