"أحكام قضائية في العقار-1-"

[email protected]

صدر عن وزارة العدل الإصدار الثاني لمدونة الأحكام القضائية, واشتمل على عدد من الأحكام في القضايا الإنهائية والأحوال الشخصية والحقوقية والجنائية, وتميز الإصدار بعدد من قرارات الهيئة القضائية, وقد كانت المرجعية القضائية العليا قبل إنشاء مجلس القضاء الأعلى, وتعد قراراتها من أفضل القرارات القضائية صياغة ومضمونا, ولو جمعت وحدها ونشرت بعد تصنيفها لأظهرت المستوى القضائي العالي في طريقة التعامل مع الأحكام القضائية, والعمق في فهم الوقائع ودقة التكييف لها, ومهنية عالية في التعامل مع أحكام المحاكم الابتدائية وفقا لما تقتضيه القواعد القضائية.
وعودا على المدونة فقد اشتملت على بعض الأحكام القضائية المتعلقة بالعقار- وسنعلق على بعضها إن شاء الله في هذه الزاوية -, ومنها: الصك رقم 40/2 بتاريخ 10/5/1408هـ الصادر من رئاسة محاكم المنطقة الشرقية, والمتضمن الحكم بفتح دكان المدعي المؤجر على المستأجر الغائب, واستند القاضي في حكمه إلى عقد ملكية المدعي للبيت, وانتهاء عقد الإجارة, وشاهدين يشهدان بغياب المدعى عليه, وتقرير من الجهة المختصة بغيابه, وقرر الحكم أن على مأمور بيت المال تسلم ما في الدكان وحفظ ما لا يتأثر بالحفظ والتخزين, وبيع ما يتلف أو يتأثر بالتخزين, كما قرر أن الغائب على حجته إذا حضر, وقد تأيد الحكم من محكمة التمييز, وهذا – في الحقيقة- هو غاية ما يملكه القضاء في التعامل مع هذه القضايا وفقا للأنظمة المعمول بها, حيث إن عقود الإيجار لا تعد سندا تنفيذيا كافيا عن الأحكام، وبالتالي فلا بد من صدور حكم قضائي من المحكمة المختصة وهو ما حصل في هذه القضية, وبالمناسبة، فالمطالبة باعتبار العقود الموثقة – بما فيها عقود الإيجار- سندا تنفيذيا كافيا عن صدور أحكام من المحاكم المختصة جرى تضمينه في مشروع التنفيذ الجديد, الذي يدرس الآن في الجهات المختصة, وفي حال إقراره فسيكون نظر القضايا من قبل قضاة التنفيذ مباشرة.
وفيما يتعلق بالحكم فقد قرر القاضي أن على مأمور بيت المال تسلم ما يوجد في الدكان وحفظه إلى حين مراجعة صاحب العلاقة, وبيع ما لا يمكن حفظه, وهذا يستند إلى أن بيت المال في المحكمة هو المعني بحفظ أموال الغيب ومجهولي الحال والمفقودين, و "بيت المال المحكمة" يرتبط برئيس المحكمة, وله أحكام وإجراءات تكفل حفظ الأموال وبيعها عند الحاجة, ويختلف عن "بيت مال المسلمين" والأخير هو المراد عند الإطلاق في كلام الفقهاء وله أحكام تخصه, وفيما يتعلق ببيت مال المحكمة فسوف ينقل من المحاكم – وزارة العدل- إلى الهيئة العامة لأموال القاصرين ومن في حكمهم بعد إنشائها.
وقد قرر القاضي- كذلك- أن الغائب على حجته متى ما حضر, وهذا هو ما يقرره الفقه، حيث إن العدالة تقتضي ذلك, وهو يشابه - نوعا ما – ما يقرره القانون من أن الأحكام الغيابية خاضعة لالتماس إعادة النظر لمجرد كونها أحكاما غيابية, وتفصيل ذلك والمقارنة بين ما قرره الفقهاء سابقا بما انتهى إليه القانون اللاتيني في هذا الموضوع وغيره، محله مكان آخر إن شاء الله, كما قرر القاضي رفع الحكم إلى التمييز وهو رفع وجوبي حسبما تقضي به الأنظمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي