المرأة السعودية والحرية وفقدان "الكرامة"!

[email protected]

انتشر في الآونة الأخيرة عدد من القصص أو الروايات لأقلام سعودية ليست لها تاريخ يذكر وبعضها ليست لها أي جهود في ميدان الكتابة الصحافية أو الأدب, وقد نشرت وانتشرت تلك القصص والروايات من خلال دور نشر خارج المملكة, حيث تناولت تلك الروايات قصصا اقتحمت الكثير من الخطوط الحمراء, اجتماعيا وثقافيا ودينيا, لتنقل تلك الروايات إلى القارئ مجتمعنا السعودي من منطلق خيال أولئك الكتاب كمجتمع تنهشه الرذيلة ويختنق تحت رائحة الفساد, بل تتحدد دوائر ذلك الفساد خصيصا حول المرأة السعودية, التي ظهرت من خلال تلك الروايات سواء استقلت عن الرجل أو تبعته فهي في النهاية السم الذي يسري في جسد المجتمع من شدة فسادها وانهيار أخلاقها. صورة مقززة تلك التي تنقل من خلال تلك الروايات عن المرأة السعودية التي تكافح, والتي في الواقع وصلت إلى مناصب وظيفية عليا سواء داخل المملكة أو خارجها, لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه: هل من المفترض أن يسجل كتاب تلك الروايات جرأتهم من خلال طرح موضوعات شائكة لأقليات نسائية في مجتمعنا وبالتالي يتم تناولها روائيا كنوع من الثقافة الصادرة عن المرأة السعودية أم أنهم يلعبون على وتر كل ممنوع مرغوب وبالتالي ينتظرون الشهرة من خلال بطولة طرح شرب المرأة الخمر والخيانة الزوجية والشذوذ الجنسي؟ ربما ينظر أولئك الكتاب إلى تلك الخطوة على أنها نوع من محكات الحرية من منظورهم, أو أنها الحجة التي يبرر بها البعض ما ينشرونه, وهي تقتضي أهمية الاعتراف بمشكلاتنا وذلك من أجل علاجها. ربما يكون هذا الرأي صحيحا في حالة واحدة فقط وهي إذا كنا نعالج ظواهر اجتماعية تم رصدها من خلال أبحاث علمية كشفت بيولوجيا عن معنى الشذوذ الذي لا يدركه الكثيرون في ثقافتنا الاجتماعية إلا كمظهر خارجي فقط, وهذه كارثة, بل وغيرها من الرذائل الأخرى، أعتقد أن الرصد العلمي لتلك الموضوعات يجعل تلك الروايات تتحدث عن ظواهر, وبالتالي ربما تسير في خط الإصلاح, أما عندما ننبش بالقلم في منتنة المجتمع لنبحث عن أقليات لا تذكر من أجل أن يقرأها الجميع خاصة الأفراد من الفئات العمرية الصغيرة والمراهقة، هنا بماذا ننتظر أن تغذي أفكار أجيالنا هل هو التاريخ المشرف لبعض الحالات أو بعض النساء والذي نرى فعلا أنه يستحق أن يدون ونثقف به أبناءنا، خاصة أن الرواية بشكل عام تعبير عن حال المجتمعات في زمن من الأزمان, وهنا لا يصح أن نظلم الفئة الأكبر من مجتمعنا من أجل تحقيق مصلحة شخصية للكاتب لا تتجاوز الرغبة في الانتشار ليس إلا، لذا فإن من يتأنى في نشر تلك الروايات بنوع من المنطق أو العقلانية سيكتشف أن الأمر لا يتعلق فقط بمقال ينشر له مناسبته في كثير من الأحيان، إن الأمر فادح فهو يتعلق بإصدار كتب تحت اسم الروايات والكتاب يتداول سنوات طويلة وينقل أفكارا أعتقد أنها لا بد أن تكون أثرى من تلك التي تفتح باب الفساد وتبرز الفواحش على أنها أمر عادي وكأنها محاسن تتحلى بها المرأة السعودية. إننا نظل مثل المجتمعات الأخرى نحمل الإيجاب والسلب، ويجب ألا ننشر إلا ما يعد ظاهرة فقط, أما سياسة فرد العضلات وادعاء الحرية الاجتماعية إعلاميا باتجاهها السلبي البحت عند البعض لا يعبر عن مفهوم الحرية الحقيقي الذي يتحدث عنه المثقفون والأكاديميون والأدباء الذي يدور حول الاستقلالية الإيجابية للمرأة باعتبارها عنصرا فاعلا من خلال عطائها وإبداعها الذهني وإدراكها الفعلي كيفية اندماجها ارتقائيا مع الرجل مع الحفاظ على جوانبها الإيجابية. أعتقد أن حرية المرأة فعليا هي كيفية الصعود إلى أهداف أكثر بناء وإيجابية لها وللمجتمع بكل عزيمة وقوة وليس تلقين المجتمع كيفية الانخراط فيما يسلب المرأة أبسط الحقوق لديها ويصورها فاقدة لـ (الكرامة).

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي