مجلس الشورى .. الفشار قبل الخضار!
من قواعد العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي ترتيب الأولويات قبل اتخاذ أي قرار .. وترتيب الأولويات يعني وضع الأهم قبل المهم .. والمهم قبل الأقل أهمية .. وينطبق هذا على كل نشاط إنساني .. فأنت مثلا تطفئ النار المشتعلة قبل أن تسأل من الذي أشعلها .. الأولوية هنا هي إطفاء النار ثم تبحث بعد ذلك عن الذي أشعلها.
وفي القرار الذي أصدره مجلس الشورى، الذي كتب عنه بعض الزملاء وكتبت عنه في المقالين السابقين .. هل تأتي قضية تحديد ساعات العمل والسهر قبل قضية البطالة مثلا .. هل هي أهم من قضية الفقر .. وقضية العنوسة وقضية العنف الأسري .. وقضية غلاء الأسعار وأزمة المياه والكهرباء والمسكن؟
إن الرجل العادي يرتب أولوياته فعليه توفير رغيف العيش وقطعة اللحم والخضار قبل قطعة الشيكولاته والبونبون والفشار .. وفي قرار مجلس الشورى اختار أعضاء المجلس الموقر الفشار قبل الخضار.
إن هناك عشرات القضايا التي فجرها هذا القرار .. وقد تناوله الزملاء من زوايا مختلفة، ومن أطرفها ما كتبه الأستاذ "محمد خير الفرح" في الواجهة .. فقد طالب رجال الاقتصاد في عاصمة "قطر" (الدوحة) بإطالة ليل "الدوحة" .. فرجال الأعمال في "قطر" – كما قال الزميل – منزعجون جدا لأن سكان "الدوحة" ينامون مبكرا، فهذا يكبد السوق 1.2 مليار دولار سنويا.
و"قطر" دولة صغيرة .. وسكان "الدوحة" لا يمثلون ربع سكان "جدة" مثلا .. فإذا كانت "الدوحة" تخسر 1.2 مليار دولار فكم تخسر "جدة"، وكم تخسر "الرياض"، وكم تخسر بقية الأسواق في بقية المدن؟
وكتب الزميل "حسن باسويد" أيضا مقالا مقارنا بين ما قرره مجلس الشورى من التضييق على حركة الناس، وبين ما فعلته بلديه "لندن" من السماح للمحال بالعمل في أيام العطلة الأسبوعية (الأحد)، كما ناقش البرلمان الألماني قرارا بتحديد فترة فتح الأسواق التجارية .. ذلك يحدث في بلاد فيها من وسائل الترفيه والاستمتاع بالحياة الكثير!!
إن في بلادنا قضايا تحتاج إلى جهود وآراء وقرارات مجلس الشورى الموقر أكثر من تحديد ساعات السهر والسفر والبيع والشراء .. وببساطة لقد وضع مجلس الشورى الفشار قبل الخضار.