صناديق الاستثمار العقاري هل تكون الحل؟
من المتقرر في عالم الاستثمار أن هناك علاقة طردية بين نسبة المخاطرة والعائد من الاستثمار, فإذا زادت نسبة المخاطرة تزيد نسبة الربح عادةً والعكس كذلك, ولهذا فإن الاستثمار في الأسهم هو من الاستثمار عالي المخاطرة, وهو ما وضح جليا خلال السنتين الماضيتين, وفي المقابل كانت المساهمات العقارية مجالا رحبا للاستثمار الآمن- للأفراد- من جهة مادة الاستثمار حيث إن الاستثمار في العقار يعد من الاستثمارات قليلة المخاطر, إلا أن الخلل كان في عنصر آخر في العملية وهو عنصر الإدارة بكل تفاصيلها ابتداء من انعدام التراخيص والرقابة, وعدم انفكاك الذمم بين المساهمة ومديرها ويتمثل ذلك في أن المبالغ ترد إلى حسابه والعقارات تكتب باسمه والعائد من المساهمة يرد لصالحه إلى حين تصفية المساهمة – إن صفيت-, وكل الإشكالات الواردة على هذا الوعاء الاستثماري كانت بسبب ضعف الضمانات, في المقابل فإن الاستثمار في الأسهم بقدر ما أنه منضبط إلى درجة كبيرة في عنصر الإدارة والضمانات بمعناها المشار إليه سابقا, إلا أن الإشكال في مادة الاستثمار حيث إنها غير آمنة بل هي عالية المخاطرة كما سبق.
وبرأيي فقد ضاع الكثير من الأموال خلال السنوات الأربع الماضية بسبب علو مخاطر الاستثمار في الأسهم وضعف الضمانات في إدارة المساهمات العقارية – يضاف إليها المساهمات الأخرى مثل بطاقات "سوا" والبيض ونحوها, بل هي في الحقيقة أسوأ-, ولهذا فقد يكون الاستثمار في " صناديق الاستثمار العقاري "هو الحل لكونها تشتمل على إيجابيات الاستثمار في الوعاءين وليس فيه مخاطرهما فالمادة هي العقار شراء وتطويرا وتأجيرا, أما الإدارة ففيها ضمانات إدارة الأسهم من حيث الترخيص وضماناته وآليات البيع والشراء وانفكاك الذمم ونحو ذلك , ويكفي أنها تحت رقابة هيئة السوق المالية.
وهذه الصناديق جاءت بديلا عن المساهمات العقارية بصيغتها القديمة, وهي محكومة باللائحة الصادرة بقرار من مجلس هيئة السوق المالية برقم (1-193-2006) وتاريخ 1427/6/19 وتستند إلى نظام السوق المالية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/30) في 1424هـ/6/2 , وقد بينت اللائحة أن الصندوق عبارة عن برنامج استثمار عقاري مشترك يهدف إلى إتاحة الفرصة للمستثمرين فيه بالمشاركة جماعيا في أرباح البرنامج , ويديره مدير الصندوق مقابل رسوم محددة , كما بينت اللائحة اشتراطات الترخيص للصندوق وكيفية طرحه , وفيها الكثير من الضمانات .
وهناك ثلاثة أنواع من الصناديق, فإما أن تكون للتطوير الأولي بشراء أرض خام وتطويرها ومن ثم بيعها, أو تكون للتطوير الإنشائي بتملك الأرض وإنشاء وحدات عليها ومن ثم بيعها, أو أن يقوم الصندوق بتأجير الأراضي بدل بيعها, وفي كل الأحوال لا بد أن يكون الاستثمار لمدة محددة تتم بعدها تصفية الصندوق, كما بينت اللائحة أحكام وقواعد إدارة الصندوق والإشراف عليه, وكيفية الاشتراك والإفصاح والتثمين والتداول والإعلان.
وليس هذا المقال دعوة للمساهمة في هذه الصناديق وإنما قراءة للضمانات والمخاطر من جهة قانونية لا اقتصادية, ونتمنى أن تكون هذه الصناديق مجالا للاستثمار الآمن المربح, لكن لا بد من تشديد الرقابة على إدارة هذه الصناديق وبالتحديد ما يتعلق بالأتعاب وتقويم الأصول ومقابل الخدمات من تطوير وإدارة وغيرها.