خطبة الوداع وحقوق الإنسان

[email protected]

في المقال السابق وتحت عنوان (الحج مدرسة عظيمة) ذكرنا الحركة الدائبة التي يقوم بها الحاج مستخدماً عقله ويديه وجميع جوارحه لتأدية جميع نسك الحج لذلك تجده يتعلم الكثير من الدروس العظيمة والقيم والأخلاق الكريمة وخاصة ما يتعلق بتوحيد الله والإخلاص في العبادة والبر والتقوى والصبر على مصاعب الزحام وتحمل ما يلاقيه من النصب والمشقة، وتعلم الكرم بما يقدمه من صدقات ومن لحوم الهدي، وفتح أفقه على ثقافات مختلفة وتعلم العمل كفريق واحد والانضباط والإحسان للناس فإذ التزم بكل هذه القيم ومكارم الأخلاق أصبح بعون الله تعالى حجه مبروراً وجزاؤه الجنة ويعود لأهله كما ولدته أمه. وفي مقالنا هذا نركز على خطبة الوداع وعلاقتها بحقوق الإنسان.

خطبة الوداع
من أهم ما يجب أن يتذكر الحاج – بل وكل مسلم – الخطبة العظيمة الجامعة الموجزة التي قالها القائد والمعلم الأول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أعظم يوم في السنة في عرفة في يوم الجمعة السنة العاشرة من الهجرة حيث قال عليه السلام: (أيها الناس! اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً، إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع وربا الجاهلية موضوع، وإن أول دم أضيع من دمائنا دم ابن ربيعه بن الحارث (وكان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل)، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا من ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله. فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لم تضلوا بعده، إن اعتصمتم به، كتاب الله. أيها الناس إنه لا نبي بعدي، ولا أمة بعدكم، ألا فاعبدوا ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم، طيبة بها نفسكم، وتحجون بيت ربكم، وأطيعوا ولاة أمركم تدخلوا جنة ربكم).
وفي نهاية خطبته صلى الله عليه وسلم رغب أن يتأكد أن جموع المسلمين قد وعوا ما قاله عليه السلام وأن يشهد الله على ذلك فأردف عليه السلام قائلاً: (وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت)، فأشار عليه السلام بسبابته إلى السماء ثم ينكتها (ينزلها إلى الأرض جهة الناس) قائلاً ثلاث مرات: (اللهم اشهد).
وحتى يسمع الحجيج كلامه عليه السلام كان ربيعة بن أبي بن خلف يردد ما يقوله عليه السلام كما يقال إن هناك أشخاصا آخرين بين جموع الحجيج يرددون ما يسمعون حتى يسمع كل الناس الخطبة، لذلك كان يقول عليه السلام الكلام على جُملٍ وبكلام واضح وموجز، وكان عدد الحجاج يقارب مائة وثلاثين ألفا، لذلك نجد ان الخطبة قد اشتملت على الأسس والقواعد التي تبنى عليها حقوق الإنسان وواجباته ولعل أهم تلك الواجبات والحقوق هي:
1. حقن دماء المسلمين مما يؤدي إلى الحفاظ على أرواح الناس وأمنهم وكرامتهم. 2. الحفاظ على الأموال من استخدامها في الحرام والحرص على إنفاقها في سبيل الخير والنمو. 3. نبذ كل أمور الجاهلية المنكرة كالعنصرية، وعدم التسامح والربا والظلم وشرب الخمر والميسر إلخ.. 4. إبطال الثأر وتشجيع العفو أو الدية. 5. إبطال التعامل بالربا. 6. الحرص على واجبات وحقوق المرأة. 7. التمسك بكتاب الله. 8 . الحرص على أركان الإسلام الخمسة. 9. الحرص على طاعة ولاة الأمر. وبمناسبة هذا الشهر الحرام ومقدم السنة الهجرية الجديدة ومحرم الشهر الحرام الذي هاجر فيه صلى الله عليه وسلم سنبدأ بعون الله حلقات في الثقافة في مجال حقوق الإنسان في الأسبوع القادم واضعين نصب أعيننا خطبة الوداع وما فيها من حقوق للإنسان وما عليه من واجبات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي