دموع صاحبة الجلالة!

السائد في الخطاب الاجتماعي أن جيل الأجداد أفضل من جيل الآباء.. وأن جيل الآباء أفضل من جيل الأحفاد.. وهكذا وينسى أصحاب هذا القول السائد إن الآباء سيصبحون أجدادا بل إن الأحفاد سيصبحون آباء وأجدادا أيضاً بحكم التاريخ والتطور والبيولوجيا والأنثربولوجيا أيضاً.
فمَن هو جيل الأجداد الأفضل، ومَن هو جيل الآباء الأفضل وجيل الأحفاد الأسوأ وهم أنفسهم الذين سيصبحون آباء وأجدادا فيما بعد.. فهل سيكونون أفضل أم أسوأ؟
هذا القول يسود أيضاً في مختلف المهن والوظائف، فيقال أيضا إن جيل الأجداد في الثقافة أفضل من جيل الآباء، وجيل الآباء أفضل من جيل الأحفاد.. وفي الصحافة أيضاً يسود هذا المفهوم فيقال إن صحافة الأمس أفضل من صحافة اليوم، وإن صحافي الأمس أفضل من صحافي اليوم.. وهكذا نقضي على التطور بحكم يرتاح إليه الماضويون الذين يتعلقون بأذيال الماضي ربما لأنهم بلا صوت وبلا صدى في الحاضر وبالطبع في المستقبل.
لقد انقضى عهد صحافة الوقوف على الأطلال، والبكاء بين يدي زرقاء اليمامة، وانتهى عصر كُتاب الآهات والتأوهات ومسح دموع صاحبة الجلالة، أو بلاط صاحبة الجلالة بالدموع.
الصحيح إذن، إن لكل عصر شروطه.. وكل مرحلة لها أسئلتها أو كما يقول الشاعر: لكل زمان دولة ورجال.
إننا يجب أن ننحني للرواد وآباء الصحافة احتراماً وتقديراً وأمتناناً.. أما أن "نشتم" أو نقلل من قيمة عطاء الأبناء، فهذا هو الخطأ تاريخياً ومهنياً وأخلاقياً أيضاً.. فكل جيل يحمل الراية وقتاً ثم يسلمها لمن يليه.. وإلا توقفت البشرية كلها وليس الصحافة وحدها عند مرحلة واحدة واحترقت بقية المراحل.. وهذا مستحيل بحكم التاريخ والتطور.. وعادة ما ينسب كل واحد لنفسه أمجاد الماضي ليقلل من إنجاز الحاضر، والذي أراه أن نحترم الماضي، ونضعه في مكانه.. ونحترم الحاضر تمهيداً للمستقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي