ثقافة ممارسة شعائرنا الدينية

[email protected]

هذا اليوم هو يوم عرفة العظيم وما أدراك ما يوم عرفة حين ينزل سبحانه وتعالى للسماء الدنيا يباهي ملائكته بعباده, وغدا أول أيام عيدنا الأكبر عيد الأضحى المبارك أعاده الله على الأمة وقد استعادت شيئا من قوتها وعزتها ورفعتها, وهذه الأيام الفضيلة تستدعي خواطر كثيرة وتعكس هموما وشجونا مرتبطة بهذه المناسبة, فعلى مدار العام تتدفق على هذه البلاد أعداد غفيرة ممن يأتون لأداء العمرة والحج, وعنق الزجاجة هنا يتمثل في أيام شهر رمضان المبارك والحج حيث تزدحم المشاعر المقدسة بالمعتمرين والحجاج بما ينوء به المكان, ومن هنا نشهد هذا الضيق والازدحام الرهيب بل المميت أحيانا بسبب غياب السلوك الصحيح لدى غالبية الحجاج والمعتمرين, ولن يختلف معي أحد في أن المشكلة ليست في الازدحام بقدر ما هي في أساليب غالبية الحجاج والمعتمرين والمتمثلة في تصور أن حل مشكلة الازدحام هو في التدافع والتسابق على المرور دون الاهتمام بالآخرين وما قد يتعرضون له من خطر وضرر, وديننا الحنيف يحثنا على التعاطف والتراحم والتعاون, وليس هناك ظرف يتطلب منا فيه ذلك مثل هذا الموسم، حيث يجتمع الحجاج والمعتمرون في صعيد واحد فيهم الكبير والصغير والعليل والضعيف نساء ورجالا.
لا نبالغ إذا قلنا إن مشكلة الحج الأبرز وكذلك عمرة رمضان هي في غياب ثقافة التعاون في أداء شعائرنا, فالزحام الشديد يدفع بالكثيرين إلى تخطي وتجاوز ما يفترض أن يكون فيه سلوكنا أثناء هذا الازدحام, فنجد سلوكيات من جماعات لا تتفق وصورة المسلم في بقعته المقدسة, فهناك من يكون حزمة بشرية خصوصا عند رمي الجمرات وتندفع كاسحة من هو أمامها دون مراعاة لضعيف أو شيخ كبير, وكم من حوادث الدهس التي خلفت موتى ومصابين نتيجة لهذا السلوك غير المتوافق مع قدسية المكان والشعيرة, أيضا هناك من يخرج على التعليمات المنظمة والهادفة لتسهيل حركة الحجاج بأنانية وجهل مما يضاعف من الزحام ويربك الحركة, ناهيك عن مشكلة الافتراش المزمنة التي يؤدي إليها تحديد الحج بالحملات الغالية الثمن والتي تفوق قدرات البعض مما يجبرهم على الافتراش لعدم وجود أماكن مخصصة لمن يريد الحج دون هذه الحملات, فالقدرة والاستطاعة يجب ألا تحدد بالحملات المدفوعة الثمن, وإذا كان حجاج الخارج يفترض أن يأتوا ضمن حملات منظمة تتكفل بهم منذ قدومهم حتى مغادرتهم, فما الداعي لتطبيق النظام نفسه على حجاج الداخل القادرين على تدبير أمورهم دونما حاجة للانضمام إلى حملات بتنا نسمع عن مميزاتها بمقابل مادي كبير...؟ فبالإمكان تخصيص أماكن في منى وعرفة بخيام بمقاسات مختلفة ودورات مياه مشتركة وتؤجر على الأفراد والجماعات بأسعار رمزية مع التشديد على عدم استغلالها بالتأجير من الباطن.
أمام ذلك أتوقف لأقول إن علينا كمسلمين أن نعيد تثقيف أنفسنا بكيفية أداء شعائرنا بسلاسة وهدوء وسكينة, وهذا يتطلب وضع برامج توعوية لكل الحجاج قبل قدومهم للحج والعمرة, وأعتقد أن رابطة العالم الإسلامي وبمساهمة من البنك الإسلامي وبمبادرة من وزارة الحج يمكن فعل ذلك بكل نجاح, فيمكن مثلا طبع كتيبات بكل اللغات وعمل برامج مرئية ومسموعة توزع وتعرض على القادمين بحرا وجوا وبرا تركز على الأمور التي تمس صحة أداء الشعيرة ومنها السلوك المطلوب أثناءها والحرص على إتباع التعليمات من الجهات المسؤولة عن الحج، والتأكيد على أن الخروج عليها يفسد الحج أو العمرة, فالنظام وتعليماته وضعت بعد جهود كبيرة لخدمة الحجاج ومنفعتهم وتأمين أداء شعيرتهم بكل سلاسة وطرق صحيحة.
لاشك أننا نعاني كثيرا أثناء موسم الحج من الخروج عن التعليمات وخطط الحج التي لن تنجح إلا متى ما كان هناك وعي كامل من لدن الحجاج بالطرق الصحيحة لأداء شعيرة الحج, والقضاء على ما قد يحدث من حوادث يعود إلى تقيد الجميع حجاجا وشركات بالتعليمات وعدم التسارع حتى يتمكن الجميع من أداء حجهم دون مشكلات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي