كشف الستار عن نصف قرن للمقاصد المشرفة للاستخبارات السعودية

[email protected]

احتفلت رئاسة الاستخبارات السعودية أخيرا بمرور 50 عاما على إنشائها، بتنظيمها لمؤتمر تقنية المعلومات والأمن الوطني برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود خلال الفترة من الأول إلى الرابع من كانون الأول (ديسمبر) الجاري في مدينة الرياض، وذلك منذ افتتاح مكتبها الأول في عام 1376هـ، تحت اسم "المباحث العامة"، وذلك بموجب الأمر الملكي الصادر من قبل الملك سعود بن عبد العزيز ـ يرحمه الله-.
تعد رئاسة الاستخبارات العامة في السعودية، من بين أحد الأجهزة الأمنية المهمة، التي تعنى في المقام الأول بتوفير الأمن والاستقرار للوطن والمواطن، من خلال المحافظة على مكتسبات الوطن والمواطن داخل المملكة وخارجها، بأسلوب عالي الاحترافية المهنية، وقد جاءت رسالة رئاسة الاستخبارات العامة Vision Statement، لتؤكد على هذا المفهوم، حيث إنها ركزت في مضمونها ومفاهيمها، على طبيعة مجال عمل رئاسة الاستخبارات العامة، المتمثل في تحقيق الأمن والاستقرار للوطن والمواطن، بشكل أكثر احترافية من خلال الالتزام بأساسيات العمل التالية:
الجمع المبكر للمعلومات عن الدول ذات الاهتمام، وفق معايير مهنية تضمن دقة وسرعة ومرونة العمل الاستخباري، بما يضمن أمن واستقرار السعودية.
التخطيط والتنفيذ الفاعل للعمليات الاستخبارية المختلفة في المناطق ذات الاهتمام.
مكافحة التجسس والتخريب الفكري والمادي والكشف عن العناصر المناوئة.
إجراء الدراسات المتخصصة والبحوث الاستراتيجية، عن طريق منسوبي الرئاسة، أو بالتعاون مع الجامعات ومراكز البحوث، ومع الأجهزة الأمنية والاستخبارية الوطنية والأجنبية، بما يخدم الأمن الوطني.
المتابعة المستمرة للتطورات والمشاركة الفاعلة في المؤتمرات واللقاءات، ذات الاهتمام في الداخل والخارج، بما يحقق التكيف مع المتغيرات المختلفة.
ولتجسيد مفهوم تلك الرسالة وجعله واقعا حقيقيا وملموسا على الأرض، حرصت رئاسة الاستخبارات العامة، على استقطاب الكفاءات الإدارية الوطنية المؤهلة للعمل في المجال الاستخباراتي، الأمر الذي تتطلب التركيز على الاختيار الأمثل للكفاءات البشرية المؤهلة، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وتوفير التدريب التخصصي المناسب والمستمر، ومتابعة التنفيذ وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب، وتوفير الإمكانات المادية والأجهزة التقنية والفنية اللازمة والاستخدام الأمثل لها، تطوير الأنظمة والسياسات والإجراءات وتقييم الأداء بشكل مستمر.
وقد تطلب كذلك تنفيذ الرسالة المذكورة على الوجه المطلوب، تحديد عدد من المهام، أولها: توفير الاستخبارات الاستراتيجية والمساهمة في تحقيق الأمن الوطني للمملكة، وثانيهما: تقديم المعلومات للمسؤولين في الوقت المناسب لاتخاذ الإجراءات السريعة والمناسبة.
وتجد الإشارة إلى أن رئاسة الاستخبارات العامة في السعودية، تعمل وفق قيم ومبادئ أساسية وجوهرية وهي: (1) الالتزام بالضوابط الشرعية، (2) عدم الإضرار بمصالح المواطن والدولة، (3) الالتزام بالتوجهات والمواقف الرسمية للدولة، (4) الأخذ بزمام المبادرة، (5) العمل بحس أمني ناضج، (6) الالتزام بالسرية التامة، (7) الحرص الدائم على الانضباط، (8) البعد عن الميول والأهواء الشخصية، (9) الالتزام بمبادئ التطوير المستمر، (10) الالتزام بالنهج المؤسسي في العمل، (11) التركيز على النوع لا الكم، (12) تطبيق مبدأ الثواب والعقاب.
وتتلخص الأهداف الرئيسية والاستراتيجية لرئاسة الاستخبارات العامة في: (1) مكافحة التجسس من خلال مكافحة التخريب الفكري والمادي، وكشف العناصر المناوئة، ورصد المشكلات الداخلية الناجمة عن أي سوء في الخدمات العامة، أو القصور في تلبية احتياجات المواطن والمقيم، والإبلاغ عنها، (2) الأنشطة الاستخبارية، التي تتمثل في التنفيذ الفاعل للعمليات الاستخبارية المختلفة في المناطق الخارجية ذات الاهتمام، مع التركيز على المناطق الأكثر حساسية، والتي لها تأثير أكبر على الأمن الوطني، (3) المعرفة، والتي يقصد بها إجراء الدراسات المتخصصة والبحوث الاستراتيجية، والتعاون الفاعل مع جميع المؤسسات العلمية ومراكز الدراسات والبحوث الوطنية والعالمية، وتقديم النتائج والتوصيات للمسؤولين في الوقت المناسب، (4) التطور التقني، الذي يركز على متابعة التطور التقني العالمي، وإدخال النظم والبرامج التقنية والأجهزة الحديثة لخدمة النشاط الاستخباري والأعمال المساندة له، بالشكل الذي يسهم في أداء العمل الاستخباري والمساند بكفاءة وفاعلية واقتدار، (5) التدريب، الذي يتمثل في التحديد الدقيق والموضوعي للاحتياجات التدريبية اللازمة للأفراد العاملين في رئاسة الاستخبارات العامة، بما في ذلك تصميم وتنفيذ البرامج التدريبية المناسبة، التي تزيد من معارف ومهارات وقدرات الأفراد، وتطوير مستوى الأداء، (6) تحديد نطاق المسؤولية، وذلك من خلال التنسيق الكامل مع القيادة السياسية من جهة، والأجهزة الأمنية الأخرى من جهة أخرى، بشكل يحدد مهام واختصاصات ونطاق عمل الأجهزة الأمنية والاستخبارية في الداخل والخارج، (7) الهيكلة، والتي يقصد بها هيكلة وتنظيم جهاز الاستخبارات بشكل يحقق التوازن بين طريقة الأداء والمتطلبات المستجدة، في ضوء الرؤية والرسالة والأهداف الاستراتيجية.
هذه المقاصد والغايات الشريفة والنبيلة لرئاسة الاستخبارات العامة السعودية، أكد عليها الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، الذي دشن افتتاح مؤتمر تقنية المعلومات والأمن الوطني، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حينما قال إن الاستخبارات عكس ما يظن الناس أنها مخابرات عليهم.. فهي خدمة لهم تدفع الظلم عنهم وتقضي على كل مفسد وتخدم المواطن في ماله وحلاله.
في رأيي أن وضوح الرؤية والرسالة السامية لرئاسة الاستخبارات العامة السعودية، المتمثلة في حماية الوطن والمواطن من المخاطر، بما في ذلك درء المفاسد عنهما، وكذلك نجاح رئاسة الاستخبارات العامة، في كسر الحاجز النفسي الذي كان يفصل ما بين المواطن والاستخبارات، يتطلب من جميع أفراد المجتمع التعاون مع هذا الجهاز الأمني المهم في بلادنا، لتمكينه من تحقيق أهدافه الأمنية النبيلة، ولاسيما أن مسؤولية الحفاظ على أمن الوطن، مسؤولية مشتركة بين جميع أفراد المجتمع بلا استثناء، وبالله التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي