"سلوك الأدب أولى من امتثال الأمر"

[email protected]

"وإنك لعلى خلق عظيم"، كانت من أعظم ما أقسم به الله سبحانه وتعالى وهو يخاطب رسوله الكريم .. وقال عليه أفضل الصلاة: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
كمسلمين نستنج أن الأخلاقيات وحسن التعامل أساس في هوية المسلم وهي صفات لابد أن يتحلى بها .. والأخلاق مفضله على كثير من الأعمال .. لكن ما بال أقوام ينتمون لنا وننتمي لهم قد تخلوا عن ذلك وجعلوا من الأعمال والصفات الجسدية أو التعبيرية أهم من كلمة طيبة أو وجه باسم في وجه أخيه المسلم، أو حتى المعاهد المقيم.
لنأخذ رمضان مثلاً فـ (شين النفس) عادة لكثير ممن يرون أن هذه الصفة لا بد أن تتماشى مع نهار الصيام، ولا بأس إن عبس الوجه، وساءت الأخلاق.. وحدث ولا حرج في أماكن العمل ومقاعد الدراسة والشوارع، كيف هي التصرفات والتحديات التي يشهدها نهار رمضان.
مناسبة هذه الإشارات ملاحظة كاتب هذه السطور لكثير من ربعنا، وهم يعرّضون حياة كثير من الأبرياء للخطر خلال الدقائق التي تسبق الإفطار، فلأجل اللحاق بالإفطار فلا بأس من قطع الإشارات ومزاحمة الآخرين وتهديدهم، وعدم احترام حرمة الطريق، والتضييق على المارة ... وهي معاناة أفسدت صيام كثيرين، بل أهلكت بعضا آخر ونقلت آخرين للمستشفيات .. والسبب اللحاق بتمرة الإفطار .. ذلكم مما ينافي الأخلاق والقيم الإسلامية ونستشهد على ذلك ما روي أن أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، كان متأهبا ليؤم الناس للصلاة ثم حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لأبى بكر اثبت مكانك، رد عليه بقوله: "إن سلوك الأدب أولى من امتثال الأمر" ورجع إلى مكانه وهو يقول: ما كان لأبى قحافة أن يؤم المسلمين وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وهنا نؤكد أن سلوك الأدب أولى من امتثال الأمر، فهل يعي "ربعنا" ذلك؟!
ومن المصادفة أنني شاهدت جاراً يسابق الريح بعربته وبات وكأنه يدفع الناس دفعاً، حدث هذا قبل موعد الإفطار بنحو ثلاث دقائق، ولم يكتف بذلك بل اقتحم حرمة الإشارة المرورية واعتدى على نظامها، بل وكاد أن يهلك من له الحق في المرور.. من جهتي فقد أبيت أن أظلمه وقد يكون له سببه وأنا أتهمه.. لا سيما وإن محياه وملابسه تنتمي إلى الالتزام الديني .. وحانت لحظة اللقاء مع صاحبنا يدفعني خلالها الفضول لمعرفة أسباب تهوره المذكور .. فكانت الإجابة كالطامة، فهو يريد أن يلحق بالإفطار لينال فضل التبكير بالإفطار .. ولا حول ولا قوة إلا بالله .. فصاحبنا قد تنازل عن حسن التعامل والأخلاقيات لأجل صفة كان من الممكن أن تهلك أبرياء.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها وأحسن الناس خلقا فلم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق، وقد قال عليه الصلاة والسلام: إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق) .. غفر الله لنا ولكم وتقبل منّا ومنكم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي