إنجازات وتطلعات مستقبلية تحدث نقلة في سوق المال
كشف التقرير السنوي الصادر عن هيئة السوق المالية السعودية للعام المالي 2008، العديد من الإنجازات والتطويرات والتحسينات، التي أدخلت على السوق المالية السعودية، التي أسهمت بفاعلية كبيرة في الارتقاء بآليات وأدوات عمل السوق، وبالذات تلك المرتبطة بتعزيز العدالة والشفافية والإفصاح وحماية المستثمرين.
بالنسبة لأبرز إنجازات هيئة السوق المالية في مجال تنظيم طرح وتداول الأوراق المالية وتطويرها، التي حدثت في العام الماضي، إصدار مجلس الهيئة لقرار، اعتمد بموجبه قواعد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بهدف التأكد من التزام الأشخاص المرخص لهم والأشخاص المسجلين بتطبيق مواد وفقرات نظام مكافحة غسل الأموال، الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم (م/39) بتاريخ 25/6/1424هـ ولائحته التنفيذية، بما في ذلك التوصيات الأربعين الصادرة عن مجموعة العمل المالي الخاصة بمكافحة غسل الأموال (فاتف)، والتوصيات التسع الخاصة بمكافحة تمويل، الإرهاب، الصادرة عن مجموعة العمل المالي، كما أصدر مجلس الهيئة في العام نفسه، ثلاثة قرارات أخرى رئيسية، تتعلق بإجراء تعديلات جوهرية على ثلاث لوائح تنفيذية معتمدة وهي: (1) لائحة طرح الأوراق المالية، التي عدلت بغرض تطوير معايير ومتطلبات طرح الأوراق المالية، بما في ذلك تطوير حالات ومتطلبات الطرح العام والطرح الخاص، والمعلومات المقدمة للمستثمرين، وإعلانات الطرح الخاص. (2) لائحة حوكمة الشركات، التي تم تعديل الفقرة (ا) من مادتها الثامنة عشرة، بحيث تنص صراحة على منع عضو مجلس الإدارة من التصويت على أي قرار في الجمعية العامة، في موضوع ينطوي على تعارض مصالح لذلك العضو. (3) تم تعديل قائمة المصطلحات المستخدمة في لوائح هيئة السوق وقواعدها، بحيث تتضمن المصطلحات الجديدة، التي وردت في لائحة طرح الأوراق المالية بعد تعديلها.
رغم أحداث الأزمة المالية العالمية التي حلت بالعالم في منتصف العام الماضي، إلا أن تلك الأحداث لم تثن هيئة السوق المالية، من الاستمرار في الموافقة على طرح جديد للأوراق المالية، الأمر الذي يؤكد عليه، موافقتها خلال العام الماضي، على 56 طلب طرح جديد، منها، 13 لطرح شركة جديدة للاكتتاب العام، ومنها 19 طرحاً خاصاً، ومنها أداة دين واحدة، وخمس أطروحات لأسهم حقوق أولوية، وإصدار واحد للأسهم بغرض الاستحواذ، و17 إصدارا لأسهم منحة، والتي بلغت قيمتها الإجمالية نحو 70.56 مليار ريال، وبنسبة زيادة بلغت 100 في المائة مقارنة بعام 2007.
إيماناً من هيئة السوق المالية، بضرورة زيادة قاعدة القنوات الاستثمارية، عملت الهيئة على زيادة طرح وحدات صناديق الاستثمار بشتى أنواعها، حيث بلغ عدد صناديق الاستثمار في عام 2008، 262 صندوقاً مقارنة بـ 233 صندوقاً في عام 2007، أو ما يعادل نسبة زيادة بلغت 12 في المائة، علماً بأن عدد الصناديق الجديدة التي تمت الموافقة على طرح وحداتها للاستثمار في عام 2008، بلغ 39 صندوقاً، يُدار منها نحو 28 في المائة بواسطة أشخاص مرخص لهم تابعين للبنوك، مثل الريال السعودي منها عملة 26 صندوقاً، بينما مثل منها حجم الاستثمار في صناديق الأسهم المحلية نحو 16.47 مليار ريال.
ضمن جهود هيئة السوق المالية، بتعزيز مستوى الشفافية والإفصاح في السوق المالية السعودية، الذي تعتبره الهيئة من الأساسيات التي لابد من توافرها لضمان كفاءة وفاعلية السوق، فقد قامت الهيئة بمتابعة الشركات المدرجة في السوق، للتأكد من التزامها الكامل والتام، بالإفصاح والنشر عن التقارير والقوائم المالية السنوية، بما في ذلك التقارير ربع السنوية، والتطورات أو الأحداث المهمة أو ما يُعرف بالمعلومات الجوهرية الخاصة بها في مواعيدها المحددة، هذا وضمن هذه الجهود أيضاً، ومن خلال عمليات البحث المكثف لعمليات التداولات والتعاملات، فقد أجرت الهيئة 968 عملية بحث صدر بشأنها عدد من التنبيهات، ورصد من خلالها نحو 44 حالة اشتباه، هذا كما بلغ عدد الشكاوى في عام 2008، التي تسلمتها الهيئة 444 شكوى، تمت تسوية نحو 243 شكوى منها، بينما مازالت منها نحو 57 شكوى تحت الدراسة.
من بين الإنجازات كذلك التي طالت تطوير أدوات وآليات التعامل في السوق المالية السعودية، ما أقرته الهيئة في الربع الثاني من العام الماضي، من أداة جديدة للاستثمار في سوق الأسهم المحلية، والتي تعرف باتفاقيات التبادل SWAPS، التي تتيح للمستثمرين الأجانب غير المقيمين في المملكة الاستثمار في السوق عن طريق الوسطاء (شركات الوساطة المالية المرخصة من الهيئة)، هذا وبلغت قيمة مبيعات الأجانب عبر تلك الاتفاقيات نحو 262.29 مليون ريال، مقابل حجم مشتريات بلغت قيمتها نحو 356.62 مليون ريال، وذلك خلال شهر آذار (مارس) من العام الجاري.
في إطار سعي هيئة السوق المالية الحثيث الرامي لتطوير عمل آليات السوق، بما في ذلك أدوات التعامل وقنوات الاستثمار، فقد كشفت الهيئة في تقريرها المذكور، عن نيتها القيام بإجراء دراسة أولية لطرح بعض الأدوات الاستثمارية الجديدة في السوق المحلية، مثل المشتقات المالية، والبيع على المكشوف، وبيع الخيارات، والتي اعتبرها المحللون والخبراء الماليون المحليون، أنها خطوة جيدة نحو الارتقاء بأداء السوق المالية، وتنويع مطلوب لتنويع قاعدة المنتجات الاستثمارية، التي ستعمل في نهاية المطاف، على التقليل من تركز الاستثمارات في سوق الأسهم، والتخفيف من حدة التذبذب في السوق، وخلق التوازن المطلوب في أداء السوق.
خلاصة القول، إن تقرير هيئة السوق المالية الصادر عن العام المالي 2008، كشف عن العديد من الإنجازات والتطلعات المستقبلية، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، الاستمرار في الموافقة على إصدارات طرح جديدة رغم تداعيات الأزمة المالية العالمية، والتأكيد على التزام الشركات المدرجة في السوق، بدرجات وبمستويات الإفصاح والشفافية المطلوبة، هذا إضافة إلى دراسة طرح أدوات ومنتجات استثمارية جديدة في السوق، مثل المشتقات المالية، والبيع على المكشوف، وبيع الخيارات، التي يعول عليها بأنها ستعمل على الارتقاء بأداء عمل السوق، من خلال الحد من التذبذبات والعمل على توازن السوق، بحيث تصبح سوقاً أكثر أماناً واستقراراً للاستثمار، وبالتالي أكثر جاذباً للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، وبالله التوفيق.