.. وللقرصنة تاريخ

قال أحد قراصنة الصومال لوسائل الإعلام: (نحن لسنا قراصنة, ولكننا ندافع عن بلدنا, هناك كثير من السفن التي ترمي النفايات السامة في مياهنا الإقليمية، وتعود محملة منا بالصيد, لا نمارس القرصنة لكننا نحاول وقف أعمال هذه السفن والدفاع عن السواحل الصومالية لعدم وجود حكومة محلية). انتهى جريدة "الرياض" الجمعة الماضي.
لست هنا لإيجاد سبب أو خلق مبررات للقراصنة أو تخفيف جرمهم الذي يضر بالاقتصاد المحلي للدول المحيطة بالصومال وتعطيل الملاحة الدولية, لكن هذا هو تاريخ القرن الإفريقي الذي تتحكم فيه الصومال, وهذا هو قانون البحار العالمي غير المكتوب. وأساطيل الحلف الأطلسي وبوارج الغرب تمارس السيادة على المياه الإقليمية بحجة تفتيش السفن في البحر الأبيض المتوسط حتى لا تصل الأسلحة إلى قطاع غزة ومطاردة القراصنة الصوماليين في بحر العرب لتحاصر جميع الدول المطلة على البحر الأحمر وبحر العرب والخليج العربي وتحول تلك المياه جنوب بحر العرب في مناطق التقاء المحيط الهندي بالأطلسي وممرات المياه في الخليج والبحر الأحمر تحولها إلى محطات ثابتة للقطع البحرية الغربية وفي حالات تحولها إلى غسل للسفن الكبيرة ومقر لدفن النفايات ومكان نشط لشركات الصيد العالمية وتبقى مياه المحيط الأطلسي والهادي في الغرب وأمريكا مياها صافية ونقية وعامرة بالثروة السمكية. ما يحدث في الصومال ليس أمراً طارئاً واستثنائيا بل هو امتداد طبيعي لأحداث القرن الخامس عشر الميلادي عندما حركت البرتغال تلك الدولة الصغيرة جدا والكبيرة باستعمارها حركت أسطولها من مياه البحر المتوسط باتجاه المحيط الأطلسي للبحث عن مسار آخر بديلا لطرق القوافل الصحراوية العربية أو مياه الخليج العربي وممر شط العرب للوصول للبحر الأبيض المتوسط من أجل كسر تجارة العرب والمسلمين مع القارة الهندية والصين باكتشاف رأس الرجاء الصالح عبر الالتفاف على إفريقيا من خلال الأطلسي مرورا بجنوب إفريقيا وجنوب القرن الإفريقي وبحر العرب للوصول إلى سواحل في المحيط الهندي. في ذلك الزمن المبكر من القرن (15) الميلادي تواجهت سفن وأساطيل و(عمارات) البرتغال ومعها الدول الغربية من خلال الإمبراطورية البيزنطية وهي القاعدة الخلفية للبرتغال تواجهت مع الأسطول العثماني والبحارة العرب لمقاومة هذا الاستعمار والاستبداد حتى لا تخنق الأراضي العربية والممرات المائية والمضائق العربية مثل هرمز وباب المندب وشط العرب, وهذا بالطبع قبل حفر قناة السويس التي أبطلت رأس الرجاء الصالح. هذه ليست مبررات للقراصنة لكن الصومال هذا تكوينه التاريخي كونه على رأس القرن الإفريقي ودول الغرب تضعفه وتستثمر خيراته دون أن تمد له يد العون بدعم حكومة صومالية قوية تحفظ الاستقرار والأمن في الصومال وتحافظ على مصالح دول الجوار وتحمي الملاحة الدولية من القرصنة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي