يد الجامعة حين تمتد إلى خارجها
قبل نحو أسبوعين نظمت هيئة المحاسبين القانونيين مؤتمر المحاسبة الدولي الثاني في فندق الإنتركونتيننتال، وقد احتوى على عدد من المحاور المهمة التي تتعلق بمبادئ العمل المحاسبي، فضلاً عن كونها تطرقت لمواضيع جديدة كموضوع الحوكمة في الاستثمارات على سبيل المثال، وقد حاضر في هذا المؤتمر عدد من دكاترة التخصص المحترفين وقد غطى المؤتمر أكثر من جانب، منها الأخلاقي و الديني و العملي في المهنة.
كان اليوم الأول يوم الافتتاح بدعوات خاصة، أما اليومان الثاني والثالث فقد كانا مفتوحين للجميع، حقيقة لم أعلم عن المؤتمر سوى يوم الافتتاح في إحدى محاضراتي في الجامعة أثناء حديث زميلاتي عنه، وتعجبت من حماس الكثير من الطالبات للذهاب إلى هذا المؤتمر، وفسر لي هذا الحماس نهاية المحاضرة حينما قالت دكتورة مادة المحاسبة - المُحاضِرة - إنها ستمنح درجات لمن تقدم لها تقريراً حول المؤتمر، وعلمت لاحقاً أن عددا من أعضاء هيئة التدريس في قسم المحاسبة ألغوا محاضراتهم في هذين اليومين وأعلنوا احتسابهم لحضور الطالبات في مقر المؤتمر، إضافة إلى كون بعضهن طلبن الطلب ذاته حول إعداد التقرير ومنح درجات لمن ستعده من الطالبات.
لم أستطع الحضور في اليوم الأول، لكني حضرت في اليوم الثاني وفوجئت بعدد المقاعد الكبير الذي شغلته طالبات الجامعة، وكل واحدة منهن بيدها أوراق و قلم و منهمكة في محاولة كتابة محاور كل محاضرة وإعداد تقرير عن كل ما تم ذكره في المؤتمر من أجل هذه العلامات.
صحيح أن المؤتمر كان أكبر من مستوانا التعليمي الذي ما زال في بدايته في هذا المجال لكن لاحظت أن عدداً من الطالبات بدأت تثيرهن بعض النقاط ويتساءل بعضهن حول بعض المفاهيم التي تم التطرق إليها أثناء المحاضرات في المؤتمر، على الرغم من كون حضورهن كان من أجل العلامات لكن مجرد مجيء الطالبة لمؤتمر كهذا ويتعلق بتخصصها الجامعي الأكاديمي و محاولة التركيز من أجل الكتابة وإعداد التقرير بحد ذاته سيجعل المعلومات تثبت في ذهنها شاءت أم أبت.
وأنا أنظر إلى هذا العدد الكبير من الطالبات في المؤتمر في ذلك اليوم شعرت بسعادة كبيرة، وتخيلت لو أن كل مؤتمر أو ندوة مهمة خارجة عن الجامعة و منظمة من قبل لجنة خارجية في أي تخصص كان، لو أن عضوات هيئة التدريس للتخصصات المتعلقة بهذه الفعالية ساهمن في تشجيع الطالبات على الحضور لاستفادت الطالبات كثيراً، حتى لو كان التشجيع عن طريق طلب إعداد تقرير تحصل عليه الطالبة على خمس علامات مثلاً!، خاصة أن الطالبة الجامعية تعنيها كثيراً هذه العلامات في فارق المعدل التراكمي.
إن مخالطة الطالب الأكاديمي للفعاليات المقامة على أرض الواقع التي تتعلق بتخصصه الجامعي وغير أكاديمية – أي ليست من إعداد الجامعة – تجعله يعيش الحدث الفعلي لما هو بصدد دراسته، و تجعله يستطيع التصور بشكل أكثر دقة ووضوحا ما هو مقبل عليه، و ربما تزيد من تعلقه بتخصصه و تحصيله علامات أفضل مما كان يحصل عليه، لكن هذا لو تعاونت الجامعات و أعضاء هيئة التدريس مع هذه الفعاليات بشكل حقيقي، حينها سيكون هناك تغير حقيقي وإيجابي في الأجيال المتخرجة المقبلة.