لنتهيأ للانطلاق نحو الجودة عبر بوابة المؤشرات العالمية 1

اتفق الجميع على أن كثيرا من المؤسسات والجهات المدنية تحتاج إلى إعادة هيكلة وتنظيم ودراسة وتطوير، ما نتج عن ذلك عدة قرارات حكيمة تتعلق بالهيكلة والنظم والإدارة والمناهج والأساليب لتبدأ الانطلاقة الحقيقية نحو الأفضل. الآن وقد بدا أن معظم المؤسسات في هيئتها المناسبة، فلا بد أن نتطلع لتحقيق الجودة في الأداء تجاه المجتمع خصوصا التي لها علاقة مباشرة بثقافة الفرد ونمط حياته اليومية. في البداية قد لا يكون التعيين أو التكليف أو الندب أو الإنفاق للبناء أو الإعداد والتجهيز والتأثيث هو علاج كل ما ننظر إليه، ويحتاج إلى تدخل بشري أو مالي, ولكن هي مجموعة عوامل بين محفزات ومنظِّمات وموجهات تكاملها يعيد الحيوية لهذا القطاع أو ذاك وتناغمها يجعل العطاء مستمرا من القطاعات كافة ليقدم لهذا البلد الكريم. نحن الآن في مرحلة تحتاج منا إلى متابعة وأن نتبنى المؤشرات العالمية ونسعى لتحقيق مستويات متقدمة فيها لتحقيق مستوياتها المثالية على الصعيدين المحلي والعالمي، فما بعد الخطة التاسعة إلا التطوير وإخضاع كل الأرقام والنتائج للتحليل والتفسير، ولا بد أن نتعلم من إخفاقات الآخرين وعثراتهم التي تركت لنا أبوابا مفتوحة، فكل المؤشرات تدل على أن الميزان عدل كفتيه بتوازنات الدول الواقعة بين النامية والمتقدمة وحسبي أن المملكة بينهما وهذه هي فرصتنا القادمة.
في نشرة The World Fact Book 2008 خرجت إحصاءات لـ 211 - 216 دولة هي مؤشرات في حد ذاتها للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية، ومقارنات تجعل كل الدول تضع خططها بهدف تحسين خدماتها تجاه مجتمعاتها وشعوبها وتقود بتجربتها غيرها فتكون خير مستثمر في أبنائها ولأجيالها عبر الزمن وتحقق رخاء أممها بجودة عالية في وقت قياسي. مما لاحظت أن هناك مؤشرات لم يشترك فيها كثير من الدول، والذي أتوقعه يعود لعدة عوامل، مثل صعوبة حصر أو تحليل المعلومات بشكل دقيق, أو تأخر توفيرها للجهة المختصة حسب التوقيت المبلغ لهم, أو عدم الثقة بالنتيجة لوجود عوامل متعددة تتحكم في خروج أرقام إحصائية مقبولة ومعبرة بصدق عن واقع الحال، أو أن تكون هناك عدة مصادر، ولا بد من توحيد المصدر المستقاة منه هذه المعلومات، فكان على الجهة أن تتخذ توجها معينا حيال ذلك. كما أن التقرير لم يركز على دولة معينة لتكون نموذجا في كل مجال، وذلك لتباين مستويات المؤشرات من دولة لأخرى، الأمر الذي جعلني أقوم بمسح سريع للأرقام وخلصت منه إلى أن تقدم دولة في مجال أو شأن لا يعني أبدا تميزها في كل شؤونها فلديها سلبيات أخرى - استغربت لها - ولكن هذه هي حال المؤشرات التي تستدعي منا تركيزا أكبر لفهم العلاقات التي يمكن أن تنشأ ونحن نقرأها في كل عام، وبالتالي نحدد أهمها فنحاول تصميم معايير خاصة بنا تصل بنا إلى العالم الأول بإذن الله.
لقد جاء في النشرة أن تعداد السكان في المملكة جعلها تقع في المرتبة 45 على مستوى العالم، حيث سجل تعدادها 27.601.37 مليون نسمة الذي جعل ترتيبها 12 بين الدول الإسلامية وخامس دولة عربية، وذلك حسب آخر حصر في نهاية عام 2008م. فيما كان معدل الخصوبة 3.94، فقد احتلت بذلك المركز 53 على مستوى دول العالم والتاسعة على مستوى الدول العربية والرابعة على مستوى دول الخليج. في هذا المؤشر قد نقرأ كثيرا من الرسائل التي كان أهمها أن كل ما ابتعدت الدولة عن المراكز المتقدمة كان ذلك أفضل لها إذا ما أخذنا في الاعتبار تعداد السكان والوضع الاقتصادي والمساحة الجغرافية ومعدل انتشار الأمية بين المجتمعات المختلفة في الدولة ذاتها. هذا يضع ضغطا كبيرا على الدول العربية والإسلامية ذات الموارد المحدودة لأن تعالج كثيرا من برامجها الموجهة نحو تنظيم الأسرة, أما محليا فقد لا يكون الحال منطبقا هنا إلا أن تكامل أعمال الجهات المختلفة مطلوب حتى في آلية جمع البيانات وتوحيد إصدار المعلومات لإتاحتها بشكل دائم ومتناغم على مواقعها الإلكترونية المختلفة. في مؤشر معدل الولادة لكل ألف من السكان فقد سجلت المملكة 29.10 مولود لكل 1000، حيث وضعنا ذلك في المركز الخامس والخمسين حسب القائمة على مستوى العالم، وأصبح بذلك معدل عمر الفرد المتوقع عند الولادة نحو 67 عاماً، ما وضعنا في ترتيب الدول في المرتبة 66 على مستوى العالم والثانية على مستوى دول الخليج وفي المرتبة الرابعة على المستوى العربي. قد يدل هذا على تقدم الوضع الصحي، إلا أنه بهذا المستوى عالميا قد يبرر إعادة تنظيم بعض الخدمات وإعادة النظر في لوائحها لنكون في الموعد والموقع المناسب مع نهاية الخطة الخمسية التاسعة بإذن الله. أما معدل الأعمار في المجتمع من 0 - 14 فهو مواز لـ 38.20 في المائة من تعداد السكان، حيث تحتل بذلك المركز 45 والثانية خليجياً والخامسة عربياً، ما يعني أن الدول العربية بشكل عام ستكون أمام محك كبير في سوق العمل لمدة لا تقل عن 20 عاما مقبلة. هذا سيجعلنا نهتم ببعض برامج إعادة التأهيل والتركيز على تنويع التخصصات حسبما استحدث عالميا، ومحاولة دمج بعضها بعد دراسة وافية للتمكن من تحقيق المعادلة الصعبة. للحديث بقيّة عن أرقام ستجعل حياتنا ثريّة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي