معلومة اختنقت بالغبار ..

يقول حسين القحطاني المتحدث الرسمي باسم الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة إن العاصفة الرملية التي ضربت المملكة قد تم نشرها على موقع الهيئة قبل حدوثها بأربعة أيام
وكذلك تم إبلاغ الجهات الرسمية المعنية بها، ورداً على حديث القحطاني، فوزارتا التربية والتعليم والصحة ومعهما الدفاع المدني تشير جميعاً إلى عدم تلقيها أي إشعار تحذيري!
في كلتا الحالتين بين من هو على حق ومن ليس على حق.. فالخاسر الأكبر هم البشر لأنهم فوجئوا بالعاصفة، حيث لم يخبرهم أحد!! والسبب البيروقراطية الصعبة التي يعيشها كثير من دوائرنا.
أقول ذلك وأنا كما غيري نرى أن تبعية الأمر ومحاسباته تذهب أولاً إلى هيئة الأرصاد، فهل تحتاج إلى وسيط لكي تحذر من العواصف والأخطار؟ أما أنها معنية فقط بموقع إلكتروني ومن أراد المعلومة فليذهب إليه، ولا يعنيها غير ذلك؟ أم أنها لا تعلم أن هناك قنوات وطرقا تستطيع أن تصل من خلالها إلى الناس بعيداً عن رسميات التخاطب وجدلية من أخبر من؟!
هيئة الأرصاد، ليست مجرد واجهة، لأن المعني المباشر بهذه الرئاسة هم الناس توجههم وتعلمهم وتنصحهم وتحذرهم.. وفق ما يتراءى لها عن المناخ والأحوال الجوية .. لكن يبدو من خطاب هذه الرئاسة أنها تريد من الآخرين أن يبحثوا عنها، لا أن تأتي إليهم، نؤكد ذلك ونحن ندرك أنه وحسب موقعها أن من أكبر مهام الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة هو" نشر الوعي البيئي بين أفراد المجتمع السعودي كافة مع الحفاظ على البيئة والمساهمة في منع تلوثها والحد من تأثيرات الظواهر الجوية كالتزام ومطلب تشريعي واجتماعي واقتصادي وأخلاقي وهذا جزء لا يتجزأ من التنمية والتخطيط السليم".
لكن يبدو أننا أمام شعارات أكثر منها حقيقة قائمة، وأحسب أن الجدل الذي واكب العاصفة قد كشف لنا مدى حاجتنا إلى الاحترافية في العمل، في ظل أن المعنيين بكثير من الدوائر التقنية هم مجرد موظفين عاملين، لا مهنيين قادرين على التفاعل والتأثير.
المضحك المبكي أن قارئاً كريماً قد أرسل لكاتب هذه السطور- ويبدو أنه قد فعلها مع كتّاب آخرين- صورة من موقع رئاسة الأرصاد عن التوقعات المناخية ليوم الثلاثاء الماضي، الخبر فيه أن التوقعات كانت من البساطة بحيث لا تلفت نظر أي قارئ ، ومدرج كأي خبر عادي، لا يمس العاصفة منه سوى بيان: "رؤية غير جيدة بسبب الأتربة المثارة، والعوالق الترابية" ولعمري أن ما تشير إليه الهيئة عبر موقعها أمر طبيعي، فوجود الغبار من المسلمات ... لكن عاصفة رملية بقوة وحجم ما شاهدناه .. فالأمر مختلف !
عموماً.. هل تعلمنا الدرس؟ بلا شك أن الإجابة ستختفي سريعاً، لأننا سريعو النسيان، مدججون بالعاطفة، ولكن أعود إلى ما تم تداوله في إطار أحاديث العاصفة.. والتي من أهمها: ماذا لو قام أحد المتضررين من العاصفة، ولنقل إنه تضرر صحياً، ماذا لو قام برفع دعوى على الرئاسة العامة للأرصاد نتيجة الضرر الذي لحق به؟ وماذا لو كان الشاكون كثر؟ وأذكر أنه وعبر عقود تأتينا الأخبار بدعاوى ضد هيئات الأرصاد بسبب أنها لم تقدم المعلومة الدقيقة.. ولنا في قصص كثيرة المثل.. هم هناك اشتكوا وتقاضوا بسبب عدم دقة المعلومة.. أما نحن.. فلم.. يكن لدينا أي معلومة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي