هيئة العقار.. الوقت لا يحتمل التأخير

ما زال العقاريون والمتعاملون في القطاع العقاري السعودي يرون أن هذا القطاع لن يستقر ما لم يتم إنشاء هيئة للإشراف عليه، بوصفه من أكبر الأسواق العقارية في المنطقة، ومن أفضل الاستثمارات الآمنة والجاذبة، كما أنه محل أنظار الشركات الإقليمية والعالمية لقلة تأثره بالأزمات ولأن الطلب فيه حقيقي ومستقبله واعد، ووقوفه شامخاً أمام أزمة الرهن العقاري التي انفجرت في أمريكا وخلفت وراءها انهيارات لم يسبق لها مثيل في العالم، يؤكد قوته ومتانته، فالقطاع العقاري يتداول فيه سنوياً أكثر من 200 مليار ريال ومرتبط فيه عشرات النشاطات وهو مقبل على تطور كبير.
رغم المقومات التي تتمتع بها السوق العقارية السعودية، ومراحل النمو والطفرة التي مرت بها، إلا أنه يفتقد منذ تكوينه إلى عديد من الأنظمة التي تأخر إصدارها كثيراً، ما جعل السوق تتعرض طيلة العقود الماضية إلى "هزات" عنيفة نتيجة عدم وجود مظلة تحميها وتتصدى للممارسات غير المهنية التي "عبثت" فيها.
لقد استبشر العقاريون والمتعاملون في السوق العقارية بتصريحات الدكتور إبراهيم العساف الذي توقع فيها تطبيق أنظمة التمويل العقاري هذا العام، كما أوجد قرار مجلس الوزراء الذي صدر قبل نحو أسبوعين والمتعلق بتنظيم طرح المساهمات العقارية والرقابة عليها، وضمان حفظ حقوق المساهمين وتصفيتها، وما تضمنه القرار من استدعاء ومساءلة أصحاب المساهمات العقارية والمكاتب المحاسبية المشرفة عليها لمعرفة وضع المساهمة، ارتياحا كبيراً بين الأوساط العقارية، حيث إن مثل هذه التشريعات تسهم في زيادة كفاءة وفاعلية القطاع.
إن أبرز المعوقات التي يواجهها القطاع العقاري التي أوجدت منه قطاعا غير منظم، هو غياب المرجعية التنظيمية والقانونية للتعاملات في الأنشطة العقارية، فالاجتهادات وتعدد المرجعيات والازدواجية في القرارات هي المسيطر على توجهات السوق، الأمر الذي يتطلب التعجيل في إنشاء "هيئة للعقار" ذات استقلالية تضم أشخاصا مختارين بعناية يمثلون أنفسهم وعديدا من القطاعات الحكومية والأهلية، هدفها تولي قضاياه وهمومه ومصالحه وجمع شتاته والوقوف في وجه الدخلاء عليه، فهناك نشاطات تقل في الأهمية وحجم التعاملات المالية عن النشاط العقاري وقد حظيت بهيئات وجمعيات مستقلة أسهمت في تطور هذه الأنشطة وارتقت بمستوياتها.
إنشاء هيئة للعقار يجب أن يحظى بالأولوية ويسبق إقرار الأنظمة المنتظرة المتعلقة بالرهن والتمويل العقاري، فهذه الأنظمة مهمة لدعم القطاع العقاري ومنتجاته، بينما هيئة العقار مهمة لإعادة الثقة إلى القطاع نفسه وتنظيمه وتحسين بيئته الاستثمارية ورسم صورة إيجابية لمستقبله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي