الحكومة وعمل المرأة

في جلسة مجلس الوزراء هذا الأسبوع أقر المجلس جملة من الإجراءات لتوسيع فرص عمل المرأة في القطاعات الحكومية، أبرزها توجيه وزارة التربية والتعليم باتخاذ التدابير الإدارية والتنظيمية الكفيلة بتأنيث الوظائف في القطاع التعليمي الخاص بالمرأة.
ومن بين هذه الإجراءات قيام المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بالعمل على زيادة الطاقة الاستيعابية للتدريب التقني والمهني في المجالات التي تناسب المرأة كنشاطات الحاسب الآلي والأعمال المكتبية والنشاطات المهنية داخل دور الرعاية والسجون النسائية، ومما تضمنته الإجراءات أيضا إلزام الجهات المعنية القيام بتوسيع البرامج التعليمية الصحية النسائية وتكثيفها كماً ونوعاً وإيجاد برامج التوظيف الإلكترونية التي تيسر عمل المرأة عن بعد في المجالات الوظيفية المختلفة والإسراع في جعل رياض الأطفال جزءاً لا يتجزأ من مسار التعليم وقصر التوظيف فيه على العناصر النسائية.
هذه جملة من المقترحات التي قدمها المجلس لزيادة فرص العمل للنساء في القطاعات الحكومية والملاحظ في هذه الإجراءات أن المجلس حرص على تقديم مجموعة متميزة لعمل المرأة ترتكز على أساسين واضحين الأول تفعيل دور العمل عن بعد مراعاة لظروف المرأة التي لا تستطيع أن تتواجد في مكان العمل والآخر التركيز على إسناد الوظائف في القطاعات النسائية للكوادر النسائية.
إن عمل المرأة في الأساس ليس مبنيا على الترف أو الرغبة في أن تشغل المرأة وقتها بشيء ما، بل يقوم في الأساس على الحاجة والضرورة فهو ليس أمرا إلزاميا مفروضا بل هو أمر يرجع إلى السيدة نفسها وولي أمرها ورغبتها في أن يكون لها مصدر رزق يكون مطابقاً للضوابط الشرعية ويساعدها على العيش بكرامة في غنى عن طلب المساعدة من الناس وعلى الرغم من أن بيت المرأة أكرم لها وهذا لا شك فيه فزوجها وأبناؤها وأسرتها هم الأساس ولكن إن اضطرتها ظروفها المادية إلى أن تعمل أو إن وجدت أن وضعها الأسري يمكنها من أن تعمل فهي بذلك يمكنها أن تكون عنصراً منتجا في المجتمع وبالتالي فهي منفعة مشتركة بحيث تنفع مجتمعها وتستفيد هي أيضاً من العائد المادي الذي يعود لها.
ومن أهم ما قام المجلس بتسليط الضوء عليه برامج التوظيف الإلكترونية، التي تيسر للمرأة العمل عن بعد وبهذا الأسلوب هناك عشرات الآلاف من الوظائف للمرأة يمكن أن تتوافر وفي أمريكا مثلا يطبق هذا المشروع وهو العمل عن بعد، فقد كشفت دراسة نشرت في أكتوبر سنة1996م، أن ما يقارب 46 مليونا من أصحاب الأعمال المنزلية في أمريكا - معظمهم من النساء - يعملون من منازلهم لإيجاد موازنة أفضل بين العمل والأسرة، ويكسبون دخلا أكثر من دخل أصحاب المكاتب بحوالي 28 في المائة.
كما ذكرت بعض الدراسات الأخرى عن عمل المرأة عن بعد نماذج أخرى مثل ما هو مطبق في مصر، حيث ذكر الدكتور حسين شحاتة، وهو أستاذ المحاسبة بكلية التجارة في جامعة الأزهر في الدراسة الميدانية التي قام بها، يقول: إن المرأة العاملة خارج بيتها تنفق من دخلها 40 في المائة على المظهر والمواصلات، أما تلك التي تعمل في بيتها فهي توفر من تكلفة الطعام والشراب ما لا يقل عن 30 في المائة، وخلصت الدراسة إلى أن المرأة التي تمكث في البيت توفر ما لا يقل عن 70 في المائة من الدخل الذي يمكن أن تحصل عليه، بل يمكنها أن تحقق دخلا أكثر مما تحققه الموظفة، إذ تستطيع أن تحول بيتها إلى ورشة إنتاجية بأن تصنع في وقت فراغها ما يحتاج إليه بيتها ومجتمعها.
ولذلك فإن توجه الدولة إلى زيادة توفير فرص العمل للنساء في القطاعات الحكومية ومن خلال التوظيف الإلكتروني هو أسلوب متميز يلائم عاداتنا وتقاليدنا وطبيعة مجتمعنا من ناحية، كما أنه يدعم توفير خدمات نسائية متكاملة لنصف المجتمع من خلال كوادر نسائية وطنية تعرف طبيعة المرأة في مجتمعنا وحاجتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي