الحد والسوم .. وسوقنا العقارية!!
لا شك أن هناك فكرا سائدا يجزم بأن سوقنا العقارية يغلب عليها العرف, وفي الحقيقة العرف هو سيد السوق في حالنا, وليس هناك إشكال في التعامل من خلال العرف واللجوء إليه في بعض الحالات, مثل فض النزاعات على سبيل المثال. لكن في وضعنا اليوم، ومن خلال التوسع في الاستثمار العقاري ومنتجاته المختلفة اليوم، نحتاج إلى مشرع يقنن هذه السوق, وفي مقدمة هذه التشريعات التقييم الحقيقي لتلك المنتجات, وبالأخص الأراضي.
إننا حينما نحلل بعض الأسعار اليوم لأراض تقع على الشارع نفسه أو في المنطقة نفسها نجد تفاوتا في الأسعار قد يصل في بعض الأحيان إلى 40 في المائة وفي بعض الأحيان الأخرى تزيد تلك الفجوة وهذا في حقيقة الأمر لا يعود إلى مزايا تلك الأراضي أو اختلاف في طبوغرافيتها, بل يعود ذلك إلى عرف السوق الطاغي اليوم بين الحد والسوم، فصاحب الأرض اليوم يرفع سعر الحد لئلا يتصور المتلقي أنه محتد على البيع "فتبيان رغبة البيع سيؤثر في قيمتها" وأمَّا الراغب في تلك القطعة قد يبخس القطعة في سومته لكيلا يشعر صاحب الأرض برغبته الماسة في الشراء "لأجل ألا يزيد عليه في سعرها". ومثال ذلك يلاحظ في كثير من المناطق المشهورة وأقرب مثال لذلك التفاوت الكبير على طريق الملك فهد في الرياض وكذلك في بعض المناطق المركزية في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
ولو أمعنا النظر في واقعنا اليوم وخصوصا بعد أن ألقت الأزمة المالية العالمية بظلالها على سوقنا العقارية نجد أن هناك تداولا كلاميا في السوق لا ينجز. فذلك المشتري يريد أن ينتهز الفرصة بشراء العقار خلال الأزمة, فسومته تكون منخفضة والبائع يرفض السومة ويصر على البيع بسعر ما قبل الأزمة وذلك لعدة أسباب, أولها أنه قد لا يرغب أصلاً في البيع ولا يريد أن يكون هناك انخفاض في سعر أصله, ومن تلك الأسباب أيضاً أنه ليس مضطراً للبيع.
من خلال ردود الأفعال هذه يظل العقار في شد وجذب بين الحد والسوم دون أن يكون هناك إنجاز في البيع وفي الوقت نفسه يكون هناك تأثير سلبي في الأراضي أو المنتجات المجاورة، وهذا هو حالنا اليوم.
فياليتنا عندما لا نرغب في البيع نصرح بذلك وفي الوقت نفسه لا نسوم إلا عندما نرغب فعلاً في الشراء ولن يكون هناك اطمئنان بذلك إلا حينما يكون هناك مؤشر ولو مبدئي لأسعار الأراضي والمنتجات العقارية المختلفة لتحد من هكذا مد وجزر.
وليت من له رغبة في البيع ألا يختبئ خلف الوسطاء, ناهيك عن أن بعض الوسطاء يعرضون بعض الأراضي على ملاكها، واستعجب كيف لوسيط أن يعرض علي أرضي من دون أن أكون قد عرضتها أصلا في السوق, فكيف صار ذلك؟!