بين السجون والشؤون..!

تلقيت بالأمس خطاباً من مدير عام السجون في المملكة اللواء الدكتور علي بن حسين الحارثي يشيد فيه بمقالي المنشور في هذه الزاوية بتاريخ 28/1/1430هـ تحت عنوان (سجينات حتى الموت), وهو المقال الذي تحدثت فيه عن معاناة السجينات السعوديات المفرج عنهن, وكيف أنهن بحاجة ماسة لجهة أو جمعية هدفها رعايتهن بشكل خاص وإعادة دمجهن في المجتمع عن طريق توفير السكن والعمل لهن حتى لا يقضين بقية حياتهن سجينات معنوياً في دور الإيواء في حال رفض أسرهن استقبالهن وفقاً لبعض المفاهيم الاجتماعية البائسة واللا إنسانية الموجودة في هذا المجتمع.
وجدير بي هنا أن أشكر المديرية العامة للسجون وعلى رأسها مدير عام السجون اللواء الدكتور حسين الحارثي لأن تفاعلاً كهذا يدل على حرص هذه الجهة على متابعة ورصد كل ما يتعلق بها, ويصب في إطار المصلحة العامة في الوقت الذي تغرق فيه جهات أخرى في سبات عميق بحيث لا تظهر إلا في المناسبات والملتقيات للتنظير, وتوزيع الآراء, بينما تتعطل فيها المعاملات لسنوات وأنا لا أورد مثل هذه المعلومة مازحاً بل هي حقيقة معلنة على رؤوس الأشهاد.
ولأن الحديث عن التفاعل مع ما فيه مصلحة المجتمع فإنني وغيري من أبناء هذا الوطن نتساءل عن الأسباب التي تستدعي أن تتعطل بعض طلبات الحصول على التصاريح النظامية للمؤسسات والجمعيات الخيرية والاجتماعية والتعاونية لسنوات في وزارة الشؤون الاجتماعية حتى يمل أصحابها وينفضوا أيديهم منها, وهو تساؤل مشروع يعطي الحق لأصحاب تلك المبادارت لمعرفة مصير معاملاتهم, وسبب تعطيلها بهذا الشكل, فإن كانت تلك المعاملات ناقصة أو غير نظامية يمكن توجيههم دون إضاعة وقتهم, فالناس باستطاعتهم أن يمارسوا العمل الخيري والاجتماعي بشكل شخصي من باب التكافل الاجتماعي الذي يحثهم عليه دينهم دون انتظار التصاريح, لكنهم يفضلون أن يكون نشاطهم رسمياً ومسجلاً ليتسنى لهم القيام بعمل مؤسساتي كامل ومنظم وقانوني بعيداً عن الشبهات.
إننا نسمع نفياً مستمراً من وزارة الشؤون الاجتماعية لأن تكون الإجراءات النظامية لإصدار تصاريح الجمعيات تأخذ وقتاً طويلاً، وآخر ذلك ما صرح به وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين أثناء فعاليات الملتقى الأول للتطوع الذي نظمته غرفة الشرقية عندما نفى تأخير معاملات إصدار الجمعيات، وأكد أن أي معاملة تستوفي شروط النظام تتم الموافقة عليها في وقت وجيز لكننا نسمع في المقابل كثيرا من شكاوي المعنيين بالأمر, وليس آخرها تلك التي تضمنتها مداخلات بعضهم في ملتقى الشراكة والمسؤولية الاجتماعية بين القطاعين العام والخاص الذي أقيم الشهر الماضي في العاصمة برعاية خادم الحرمين الشريفين.
لماذا نصر على البقاء في هذه الدوامة بين شد وجذب .. إن كانت هناك مشكلة فلا بد من الاعتراف بها والعمل على حلها والتصريح بذلك, أما إن كان هؤلاء الذين يتذمرون من تأخير تسجيل وتصريح الجمعيات التي عملوا على تأسيسها يدعون على الوزارة ظلماً وعدواناً, ويتهمونها بتعطيل معاملاتهم لدواعي كيدية, فيمكن للوزارة أن تتعامل معهم بشفافيه وترد عليهم بمخاطبات رسمية تتضمن توضيحاً صريحاً ومباشراً لمكامن القصور في كل معاملة, وفي هذه الحالة يمكن لأصحاب المعاملات الذين تلقوا تلك المخاطبات الرسمية أن يتصرفوا بشكل قانوني إن تأكدوا أن هناك من يعطل أو يرفض معاملاتهم بمبررات غير نظامية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي