عذرا .. غزة!!
زيد بن ناصر
غزة اصرخي فلا مجيب، دعي صيحاتك تتعالى فلن تجدي .. من يقف إلى جانبك، من أنت حتى نقف إلى جانبك.. أختنا في الدين.. أختنا في الدم .. أختنا في العروبة ؟!
وإن يكن، فليس هذا كافيا لكي نغيثك، لقد حددنا موقفنا من البداية، وأعلنا الشجب والاستنكار على جميع الصعد، ففي كل محفل محلي وعالمي نعلنها صراحة دون أن نخاف من أحد : نشجب وندين ونستنكر بشدة المجازر التي تحدث في غزة وفي فلسطين.. أسمعت بشدة !! وستغضب هذه الشدة جميع دول العالم، بل ستجرنا إلى ما لا تحمد عقباه، وإن حصل لنا تأخر عن مواكبة العولمة والتقدم التقني، فهو بسببك يا غزة وبسبب ما ندينه ونشجبه، نحن نتسارع إلى سلام عادل وحل شامل للقضية، لكي نرى دولتان إلى جانب بعضهما، تعيشان جنبا إلى جنب في استقرار وطمأنينة، ولكنك يا غزة سامحك الله دائما ما تعرقلين سبل السلام بصواريخك التي لا تعدو كونها طلقات مسدس، مستمدة القوة من إيمانك بحقك في الأرض وبدينك القويم، وكثيرا ما تعولين علينا ونحن دائما إلى جانبك، فأنت في عيوننا، ندين تارة ونشجب تارة وندينك أنت أيضا تارة أخرى.
لماذا يا غزة ؟! لماذا تصرين على غيك وضلالك القديم لماذا؟! ماذا جنيت من انتفاضة الـ 2000م ، ألم يحن وقت السلام وخارطة الطريق فهي الحل لما أنت فيه، عليك أن تكفي أذاك عن كل يهودي دنس أرضك وانتهك حرمة مسجدك الحرام، وقتل وعذب الصغير قبل الكبير، والشيخ قبل العجوز، والمرأة قبل الرجل.
ماذا حل بك أيتها المسكينة؟! ألم تكتفي بعد ؟! ألا تملين ؟! هيا قومي بتسليم رموزك ومجاهديك والمدافعين عن الشرف والعزة والكرامة ومن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، ودعينا نودعهم السجن مثلما هم عرب 48م وجميع المناضلين الشرفاء الذين غصت بهم السجون، وامتلأت عن بكرة أبيها، هيا اسمعي الكلام ولا تعاندي، فليس الآن وقت العناد، إنه وقت العمل والسلام العادل والحل الشامل، وسترين أعلامك ترفرف عاليا في السماء ربما خلال جيل أو جيلين أو ثلاثة .. من يدري، ربما سيأتي اليوم الذي سنرى ذلك العلم، الأهم أن تلتزمي بخيارات السلام ولا تكابري، ولا تصدقي من يقول أن هناك دولة بين الفرات والنيل، فليست هذه إلا أضغاث أحلام، لا تصدقي .. فقط عليك الالتزام، لننتظر ونرى ما سيحل بنا وبك.
آآه يا غزة، للأسف أن هذه هي الحقيقة، عَقَ الأبناء، وتندر الأصحاب، واشتكوا الوهن والضعف وحلول السلام المزعوم والحلول المشروخة ..
ما هذا ؟! أي عقل يقبل به، أتأخذ أرضي عنوة وغصبا وتقول لي ليكن سلام بيني وبينك.
لن نجد عذرا يا غزة، فقد فقدت عشرات بل المئات لينضموا لملايين شهداء الوطن، ونحن نقف عاجزين، مجازر تحصل في أرضك، وانتهاك سافر لحرمتك وحرمة أبنائك، حتى الصغار طالتهم يد العدوان .. ليس لذنب اقترفوه ولكن لأنهم أبنائك يا غزة وأبناء فلسطين.
روضة تصرخ، وخالد ونبيل ليلى وسلمى يستغيثون ونحن لا نملك إلا أن نشيح بوجوهنا عن مرأى مجازرك، لنريح القلب بمرأى مغنية جميلة أو برنامج سخيف، وليس إلا هروبا من الواقع، ولكن القلوب تنزف من الداخل وتتعصر، ولكن سرعان ما يتلاشى هذا عند صبيحة يوم جديد.
نعم هذا حالنا يا غزة، وهذا حال الممثلين عن الشعب، والذين هم على الحقيقة ممثلون عن الآخر، ممثلون على شعبهم، وممثلون فيهم بأنواع التعذيب؟!
ليسوا هم السبب الحقيقي يا أختنا غزة، ولكن السبب هو نحن، نعم نحن، لأننا بعدنا عن ديننا وآمنا بحريات الآخر المزعومة وديمقراطيتهم على طريقتم، الشعوب فيها خير.. نعم هذا صحيح، ولكن الخير الذي في الشعوب ما لم تغذه وتسقيه الفضيلة الإسلامية فلن يحرك فينا شعرة، فلا أحد يطبق الشريعة دستورا سوى بلد أو بلدين أو حتى ثلاثة من باقي الدول، أليست هذه مفارقة ؟!
قال صلى الله عليه وسلم :"يسلط الله عليكم ذلا في آخر الزمان لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم".
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نحن قوم أذلاء أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.
نعم هذا هو الطريق والشواهد التاريخية كثيرة ولعل آخرها حرب مصر مع إسرائيل وانتصارها في حرب العاشر من رمضان (6 أكتوبر 1973)، عندما علمنا أن النصر لن يأتي إلا بهذا الطريق، طريق الدين والعزة والكرامة، وكيف أرسلنا الدعاة والناصحين إلى الجبهة ليوجهوا الجنود ويشدوا من أزرهم بقال الله وقال الرسول، وجاهدنا لتكون كلمة الله هي العليا ولا غيرها، ليكون النصر حليفا لنا.
هذا هو الطريق، وحتى نجده ونعود إليه ليس لك عندنا سوى الدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء، اللهم فرج عن إخواننا المسلمين في غزة وفي كل مكان، اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
وحتى ذلك الوقت نقول لك : عذرا غزة .. عذرا أختنا غزة !!