لماذا أتى إعلان الخفض بما لا تشتهي أوبك؟

فهد بن سالم

اتخذت منظمة أوبك سياسة واضحة للتعاطي مع التقلبات في أسعار النفط. وذلك من خلال القيام بخفض الإنتاج في حال أخذ أسعار النفط لمنحنى هابط، ورفع الإنتاج تجاوباً مع مطالبات عالمية للحد من أثر ارتفاع أسعار النفط على الاستثمارات المختلفة.
وبالرغم من نجاح المنظمة في استخدام هذه الأداة كثيراً، إلا أنَّ الأوقات الصعبة تأتي لتخبر أوبك أن القرار لم يعد يتعلق بمجرد خفض أو رفع للإنتاج يتفق عليه في اجتماع لوزراء النفط، بل هو قرار أكبر تعقيداً لأن تحديد كمية الزيادة أو الخفض يصبح أمراً ذا حساسية أكبر يتطلب معه مراعاة نفسيات المتعاملين في السوق وتوقع اتجاه ردود أفعالهم (بالإيجاب أو السلب) والمدى الذي تأخذه هذه الردود. وقرار خفض الإنتاج بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً كان رقماً كبيراً أريد به التأثير على السعر إيجاباً، ولكن ما حدث خالف توقعات النظرية الاقتصادية وقاد السعر إلى ما دون 40 دولار للبرميل حتى شخصت الأبصار تترقب ملامسته لمستوى 30 دولار للبرميل. ويمكن أخذ ردة الفعل هذه على 3 احتمالات:
الاحتمال الأول هو أنَّ المتعاملين اعتبروا هذا التخفيض الكبير بمثابة انعكاس لتوقعات أوبك باستمرار تراجع الطلب العالمي لفترة أطول ولمستويات أدنى مما كان متوقعاً في أسوأ الأحوال، ولأن أوبك في نفس الوقت ليس ليدها تصور حول مدى التأثير النفسي للأزمة على المستوى العالمي.
الاحتمال الآخر هو أنَّ أوبك لا تمانع في وصول سعر برميل النفط إلى مستويات دنيا معينة يتفاعل معها الاقتصاد العالمي وينتعش الطلب على النفط من جديد. فمنظمة أوبك لا تريد أن تنتظر طويلاً حتى يحدث هذا الانتعاش، بل تريد تسريعه لأن التأخر في إنعاش الاقتصاد العالمي سيفاقم الأمور ويقلص من إيرادات النفط إذا لم تتدخل أوبك أيضاً من جانبها.
الاحتمال الثالث يتعلق بمدى وضوح الرؤية أمام منظمة أوبك، فربما لا يوجد لدى المنظمة تصور لمدى حجم الأزمة المالية وكان الإعلان عن خفض الإنتاج عبارة عن عملية جس نبض للسوق العالمية.
وعموماً تظل مسألة ترجيح أي من هذه الاحتمالات المطروحة أمراً سثبته الأيام بما تحمله من إنفراج للأزمة المالية أو استمرار تعقيداتها وانعكاساتها على العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي