"لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه"
هو نص حديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو من جوامع كلمه التي أوتيها تفضيلا له على غيره من أنبياء الله, ودلالة هذا الحديث ظاهرة فلا يكون المال حلالا إلا إذا طابت نفس من هو له, والنصوص المؤصلة لهذه القاعدة النبوية كثيرة, ومنها قول الله سبحانه وتعالى: "فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا" ، وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ" , وفي حديث ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس في حجة الوداع – فذكر الحديث، وفيه: لا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما أعطاه من طيب نفس، ولا تظلموا... ", وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ اَلسَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لامرئٍ أنْ يأخُذَ عصا أخِيه بِغيرِ طِيبِ نَفْسٍ منْهُ، قال: وذلك لشدة ما حرم الله عز وجل على المسلم من مال المسلم" .
ومن التطبيقات على ذلك:
من استغل أرض غيره بالبناء أو المنفعة فيلزمه أجرة المثل لها ولو لم يكن يعلم من المالك, وقد يستغل بعضهم أرض الغير ويترك الأرض إذا علم بمالكها من غير تعويض لصاحبها عن ذلك وهذا لا يجوز , ويدخل في ذلك من حكم له القضاء بناء على بينته أو يمينه مستغلا عدم قدرة الخصم على إثبات حقه, وهو يعلم أنه رجل ظالم فإن حُكم القضاء لا يغير بواطن الأمور وإنما يفصل بين الطرفين في الظاهر فقط, وقد صرح بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وإنما أقضي لكم على نحو مما أسمع منكم فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة" أخرجه البخاري ومسلم, بل إن بعض الفقهاء لخطورة الأمر وأهمية رضى صاحب الحق توسعوا في دلالة النص فأدخلوا في ذلك من أخذ مال الغير حياء .
ولا شك أن لهذا العموم تقييدات واستثناءات, ومنها من بيع ماله عن طريق الحاكم وهو ظالم فلو لم تطب نفسه فهو ظالم, وبهذا فلا شك أن المال حلال إذا أخذه خصمه.