المؤلفة قلوبهم في السعودية..!

تنشط مكاتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في مختلف مناطق المملكة في مجال دعوة غير المسلمين إلى الإسلام, وتنجح غالباً في هذا المضمار حيث يدخل بين فترة وأخرى المئات من غير المسلمين من العمالة الأجنبية في هذا الدين العظيم, ولا تكاد توجد محافظة من محافظات هذا الوطن لم تشهد مساجدها إعلان إسلام عدد جديد من العمالة بشكل شهري أو أسبوعي.
ويجدر بي أن أوضح أنني لا أهدف من كلماتي السابقة إلى امتداح الدور الذي تلعبه مكاتب الدعوة والارشاد في هذا المجال, فما يقوم به أفرادها غني عن المدح ذلك لأنهم أناس سخروا طاقتهم طلباً للأجر من الله دون غيره, وإنما حديثي اليوم عن المسلمين الجدد الذين يعيشون بيننا والذين يُطلق عليهم مسمى (المؤلفة قلوبهم).
أعلم كما تعلمون أن الدين الإسلامي يصنف هؤلاء ضمن مستحقي الزكاة سواء كانوا من الأغنياء أو الفقراء لا فرق بين الفئتين, والهدف من ذلك تأليف قلوبهم وليعلم أقاربهم ومعارفهم من غير المسلمين أن هناك معونة لمن يدخل في الإسلام لتشجيعهم على إعلان اسلامهم أيضاً, وتذكر بعض المصادر الفقهية والتاريخية أن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أوقف هذا السهم و لم يعد يعطي المؤلفة قلوبهم من الزكاة لأن المسلمين أصبحوا في عزَّة بينما أصبح غيرهم في ذِلَّة وينسب لعمر - رضي الله عنه - أنه كان يقول: يكفيهم شرفاً أن أسلموا ويكفيهم مكانةً أن انتسبوا إلى هذا الدِّين العزيز.
لكن هل تساءلنا كيف يعيش أفراد العمالة الذين أسلموا حديثاً في هذا الوطن بعد إعلان إسلامهم؟
حسناً.. لتتعرفوا على حال بعضهم سأروي لكم حكاية عاملين من عمال النظافة عملا في أحد مستشفياتنا وكانا من أتباع الديانة الهندوسية عندما قدما إلى هذه البلاد فأسلم أحدهما قبل الآخر وأعلن إسلامه أمام جميع موظفي المستشفى من أطباء وممرضين وإداريين, فما كان من الجميع إلا أن تغيرت معاملتهم له, أصبحوا يعتمدون عليه في غسل سياراتهم وإحضار طلباتهم ويدفعون له ما يفوق راتبه الشهري بخمسة أضعاف لقاء ذلك ولشعورهم بأنه كمسلم يستحق المال دون صديقه الآخر الذي عانى الجوع والفقر والتهميش, بل حتى نظرات الكراهية التي تلاحقه دون ذنب منه ودون شعور من أصحابها.
ويروي لي أحد الأصدقاء وهو من العاملين في المستشفى نفسه أن ذلك العامل المسلم تغيرت حالته بدرجة لا توصف حتى على مستوى الشكل فقد أصبح سميناً بشكل سريع بينما ازداد الآخر نحولاً وشحوباً واستمرهذا الحال لمدة أشهر قبل أن يسلم الآخر أيضاً ويعلن ذلك على رؤوس الأشهاد ليخرج من حالته المأساوية إلى حالة أفضل بمراحل, لكن هذا الأمر استدعى غضب الأول الذي بات هناك من يشاركه في أموال موظفي المستشفى لتنشب الخلافات بينهما بشكل لم يعد من الممكن معه السيطرة عليهما.
مرت فترة قصيرة قبل أن تنتهي فترة عمل هذين المسلمين الجديدين في السعودية, واقترب موعد السفر, لكنهما فاجآ موظفي المستشفى في آخر يوم قبل سفرهما بتغيير في هيئتهما تمثل في حلقهما (اللحيتين) اللتين ربياهما بعناية بعد إسلامهما, وعللا ذلك بأنهما مطالبان بذلك من سلطات بلدهما حتى تتطابق هيئة كلٍ منهما مع الصورة الشخصية في جوازه, فما كان من الموظفين الا أن جمعوا لكلٍ منهما مبلغاً من المال كمساعدة قبل أن يسافرا مصحوبين بالدعوات القلبية بالثبات والمغفرة, لكن اتصالاً هاتفياً جرى بعد فترة بين أحدهما وعامل آخر من جنسية مختلفة مازال في المستشفى كشف للجميع أن المسلميّن الجديديّن لم يكونا سوى ممثلين محترفين استطاعا أن يجمعا أضعاف ما كانا سيجمعاه من العمل في هذا البلد بكذبة إسلامهما, ومازالت هذه الحكاية تروى في أروقة ذلك المستشفى كل اليوم!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي