المسؤولية الاجتماعية للشركات بين نشر الوعي ولغط المصطلحات
على هامش المقابلات التي أجراها مؤشر التنافسية المسؤولة وخلال المناقشات التي يجريها الفريق مع قادة الشركات تتردد دائما عبارة "نشر الوعي" وضرورة نشر والتعريف بثقافة المسؤولية الاجتماعية للشركات. من هنا نأخذ خطوة إلى الوراء لنتمكن من تحديد من المسؤول عن نشر الوعي وما محركات نشر الثقافة في السوق السعودية.
أولا فيما يخص المسؤولية الاجتماعية للشركات، نحن نتكلم عن نهج إداري وسلوكي تطوعي، أي أنه غير ملزم في القوانين. بذلك الحديث عنه يندرج تحت الشأن العام وبذلك لا يمكن حصره بجهة واحدة تكون مسؤولة عن نشره. ولكن بالإمكان أن نحدد ما الجهات المتوقع تدخلها لهذا الغرض. فتكون البداية من نقطة اتفاق هذه الجهات على تعريف موحد للمسؤولية الاجتماعية للشركات، وأقصد الغرف التجارية، والشركات الاستثمارية المتخصصة والعاملة في هذا المجال. ومنها ننطلق للبحث عن محركات نشر الوعي في السوق السعودية وهي مقسمة إلى:
نشر الوعي لدى قادة الأعمال.
نشر الوعي لدى المجتمع.
فلا بد من تسليط الضوء على الإعلام وهو الذي يوصل الصوت إلى قادة الأعمال وإلى المجتمع، كل برسائل خاصة به. ولكن لنكون واقعيين كيف يستطيع الإعلاميون نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية للشركات في وقت لا يوجد تعريف بسيط وموحد لهذا المفهوم؟ مع العلم أن الإعلاميين أنفسهم مهتمون بهذا المجال وهم لا يبخلون بمشاركتهم بورش العمل وحلقات الحوار لمناقشة أفضل ممارسات المسؤولية الاجتماعية للشركات. لنفرض أن البعض بدأ يعي المفهوم تماما، كيف نتوقع منه أن يكتب عن أفضل الممارسات الحديثة في هذا المجال وهو محدود من حيث البحث على الإنترنت في الموضوعات باللغة العربية؟ فيعود عديد من الإعلاميين لاستنباط الموضوعات الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات من الشركات نفسها أو من شركات الدعاية والإعلان والعلاقات العامة. وبذلك يتحول الخبر إلى خبر تجاري يهدف إلى إبراز الشركة وليس انعكاس برامجها على المجتمع. والمشكلة لا تكمن فقط في تحويل الخبر إلى مادة تجارية، بل كون شركات الإعلان والعلاقات العامة غير مطلعة على هذا المفهوم وللأسف تحده بخدمة المجتمع فقط. وهو ما أتى بنا إلى يومنا هذا مع كل اللغط حول المسؤولية الاجتماعية (وهي تعني خدمة المجتمع) والمسؤولية الاجتماعية للشركات (وهي الإطار الشامل الذي يضم خدمة المجتمع وغيرها من المحاور مثل الابتكار في المنتج أو الخدمة).
من هنا نرى الفرصة من خلال إطلاق المؤشر السعودي للتنافسية المسؤولة والذي يضع المعايير لأفضل ممارسات القطاع الخاص لتحقيق بيئة تنافسية مسؤولة واضعة محاور المسؤولية الاجتماعية للشركات (ومن ضمنها خدمة المجتمع) في إطارها الأكبر. وبذلك يأتي المؤشر بمعاييره العالمية المعاد صياغته ليتناسب مع الثقافة وبيئة العمل السعودية ليشجع القطاع الخاص على تبني أفضل الممارسات بما يخدم احتياجات السوق والمجتمع السعودي، مما يسهل وجود وتوافر المعايير التي تمكن الإعلامي من نشر ووزن برامج الشركات في المجتمع.