استراتيجية القضاء وتنظيم تسجيل العقار

تدشن وزارة العدل غدا مشروع الاستراتيجية القضائية وذلك مع الاستشاري مدير المشروع "جامعة الملك فهد للبترول والمعادن", وبهذا تكون الوزارة خطت خطوة مهمة في هذا المجال التي برأيي أنها جاءت في وقتها لما هو معلوم من أن قطاع القضاء في المملكة يشهد نقلة نوعية وتطورا كبيرا على مستوى التشريعات والهيكليات يتطلب الكثير من العمل المنظم وفق خطط مدروسة وبرامج وآليات لتحقيق هذه الخطط تكفل الحفاظ على التطوير المتحقق في الجانب التشريعي والهيكلي.
يمكن التاريخ لهذه المرحلة من التطور في العمل القضائي في المملكة بالأمر الملكي الصادر عام 1426هـ والذي تضمن الموافقة من حيث المبدأ على الدراسة الصادرة من لجنة التنظيم الإداري المتعلق بقطاع القضاء, والتي اشتملت على ضم أغلب الدوائر واللجان القضائية إلى القضاء العام بحيث تكون تحت السلطة القضائية, وإعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى باختصاصات جديدة , وإنشاء محكمة عليا, وإحداث محاكم استئناف في المناطق الرئيسية في المملكة , والتوسع في المحاكم المتخصصة "عامة وجزائية وتجارية وعمالية وأحوال شخصية", ودراسة إمكانية تقنين الأحكام الفقهية , كما أن التطوير على هذا المستوى – التشريعي والهيكلي – طال كذلك القضاء الإداري وفق العناصر ذاتها , وقد بدأ العمل في تطبيق هذا الأمر وذلك بتعديل الأنظمة التي تأثرت بهذا التطوير فكان من باكورة ذلك نظامي القضاء وديوان المظالم , والعمل جار على تعديل الأنظمة الأخرى, ولأن هذه النقلة تتطلب الكثير من الدعم فكان أن صدرت موافقة الملك على رصد مبلغ سبعة مليارات تخصص لمشروع الملك عبد الله لتطوير القضاء.
إذا فلا بد أن يكون العمل على تنفيذ هذه التعديلات والصرف عليها وفقا لخطة استراتيجية يتم فيها الاستعانة بالمختصين في رسم السياسات والاستشاريين الماهرين في الدراسات وأخذ رأي أكبر عدد من الممارسين للقضاء والتوثيق –كتاب العدل- والجهات ذات العلاقة كهيئة التحقيق والداخلية والغرف التجارية وأساتذة الجامعات المتخصصين والمحامين وغيرهم , وهو بالفعل ما بدأته وزارة العدل من خلال عقد عدد من ورش العمل لهذا الخصوص.
الحديث عن الاستراتيجية طويل ولكن أشير إلى ما يتعلق بالعقار, فهو بحاجة إلى تنظيم من جانبين : الجهة الأولى على مستوى التشريع وذلك بسن الأنظمة التي تنظم أحكام الإحياء والإجارة وغيرها من الأحكام الموضوعية المتعلقة بالعقار, وصدور أنظمة واضحة وصريحة في تحديد أحكام الإحياء بالذات وما يجوز منه وما يمنع والجهات ذات الاختصاص في ذلك والمساحات المقبولة والكبيرة أو اختيار منعه على الإطلاق – مثلا- , فالقضاة في حيرة كبيرة ولابد من معالجة هذا الموضوع بأسرع وقت وبأنظمة واضحة لا تقبل التأويلات. والجانب الآخر هو الإجرائي, وذلك من خلال تنظيم إجراءات إصدار سندات التملك – حجج أو منح أو افراغات-, وحفظ هذه الوثائق بطريقة إلكترونية تسمح باسترجاع المعلومات منه بطريقة سهلة وسريعة, وتفعيل تطبيق نظام التسجيل العيني.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي