فرص وتحديات ودواعي قيام مشروع خليجي وسعودي للطاقة النووية!!

استضافت جامعة الملك عبد العزيز أخيرا ندوة حول الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وفرص استفادة المملكة من هذا المصدر. وربما يعجب المواطن العادي من مجرد إثارة فكرة اللجوء إلى مصادر الطاقة النووية Nuclear Energy في بلد هو أغنى دول العالم بمصادر الطاقة الأحفورية (النفط)!!! فهل يُعقل ذلك؟ فإذا كان للدول غير النفطية حجج ومبررات كثيرة دعتها للجوء إلى المصدر النووي لتوليد الطاقة، فما مبررات أو حجج دول مجلس التعاون وغيرها من الدول العربية مثل: مصر، الأردن، اليمن، والجزائر في هذا التوجه؟
فقد وقع كل من السعودية (خلال زيارة بوش الأخيرة للرياض)، والإمارات (خلال زيارة ساركوزي الأخيرة للإمارات) والبحرين، على اتفاقات مع كل من فرنسا والولايات المتحدة لإنشاء محطات لتوليد الطاقة النووية للأغراض السلمية. وكان قد تجلى الاهتمام العربي والخليجي بهذه الصناعة: أولاً في قرار قمة دول مجلس التعاون الخليجي (قمة جابر - الرياض 2006م)، وثانياً قرار القمة العربية (الرياض 2007م)، بضرورة الدخول في خيار الطاقة النووية للأغراض التنموية.
يبقى السؤال: هل هناك مبررات موضوعية واقتصادية وتنموية وبيئية تدعم هذا التوجه؟

الإجابة: نعم بكل تأكيد، إن دول مجلس التعاون بصفة عامة، والمملكة العربية السعودية بصفة خاصة بحاجة - أكثر من غيرها - إلى الإعداد من الآن لعصر ما بعد النفط، حتى تضمن استدامة عملية التنمية الاقتصادية والصناعية والبشرية، وفي الوقت نفسه تضمن حماية ونظافة البيئة، وهو ما يطلق عليه التنمية المستدامة Sustainable Development (فالمملكة تحتل المرتبة الأخيرة في المؤشر العالمي للتغيرات المناخية وحماية البيئة 2008م بسبب التلوث الصناعي).
وبناءً عليه، نعرض في هذه السلسلة من المقالات الدور الذي يمكن أن تلعبه الطاقة النووية في إنجاز أهداف التنمية المستدامة لدول مجلس التعاون الخليجي، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، من خلال تلبية متطلبات التنمية الصناعية والبشرية. وحتى يمكننا التعرف على حقيقة وحجم هذا الدور، معروض أدناه أبرز الأسئلة التي حاولنا الإجابة عنها في هذه السلسلة من المقالات:
* ما المقصود بالتنمية المستدامة وما دور الطاقة في إنجاز أهدافها، وتحديداً دور صناعة الطاقة النووية؟
* كيف نشأت وكيف تطورت صناعة الطاقة النووية على مدى نصف القرن المنقضي، ولماذا أفل نجمها على مدى عقدي الثمانينيات والتسعينيات، ولماذا علا نجمها من جديد؟
* مبررات ودواعي تصاعد الاهتمام العالمي بهذه الصناعة أخيراً، ومستقبلها وفرص توسعها وانتشارها، وخصوصاً في الدول النامية؟
* ما أهم السمات التي تميز الطاقة النووية عن مصادر توليد الطاقة الأخرى، خاصة المصادر الأحفورية (الفحم والنفط والغاز)؟
* مَن هم أهم اللاعبين في عالم هذه الصناعة حتى يمكننا وضع التوصية المناسبة بشأن الدول التي يمكنها دعم مشروعنا السعودي أو الخليجي؟
* ما الجدوى الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لصناعة الطاقة النووية، وذلك من وحي ما أفضت به التجارب العالمية المقارنة على مدى نصف القرن المنقضي؟
* وما محددات نشأة وتطور هذه الصناعة (المحددات الرأسمالية، والبشرية والمؤسسية)، حتى يمكننا التعرف على مدى توافر تلك المحددات في المملكة أو فرص محاكاتها في المستقبل؟
* خليجياً، ما مبررات ومحددات وفرص قيام صناعة خليجية للطاقة النووية؟
* ما التحديات التي يتوقع أن تواجه دول المجلس خلال العقود المقبلة وتحديداً: (1) تحدي النمو السكاني. و(2) تحدي التنمية الصناعية وانعكاساتها على الاستهلاك الخليجي المستقبلي من الطاقة، ومن ثم استدعت التوجه نحو الخيار النووي رغم كون بلد كالسعودية أكبر مصدر للنفط؟
* ما واقع وما مشكلات قطاع توليد الطاقة الخليجي، تحديداً الطاقة الكهربائية، من حيث الإنتاج والاستهلاك والاستثمار وفرص التوسع المستقبلي؟
* ما الانعكاسات الاقتصادية والبيئية التي يمكن أن تترتب على استمرار دول المجلس في اعتماد نمط توليد الطاقة القائم سواء لتلبية متطلبات الصناعة أو احتياجات النمو السكاني؟
* أخيراً ما محددات قيام صناعة خليجية – وسعودية تحديداً - للطاقة النووية، وما مدى توافر المحددات التي تعارف عليها الفكر والتطبيق في هذه الصناعة؟
سنختتم تلك السلسلة – إن شاء الله – بطرح لمجموعة من المقترحات التي نضعها أمام متخذ القرار الخليجي، والسعودي على وجه الخصوص، وهو في هذه المرحلة المهمة، خاصة أن أدبنا الاقتصادي العربي والخليجي يفتقر إلى هذه النوعية من الدراسات التحليلية المتعمقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي