المختـــص لا المقـــتص...
في أحد المجالس سمع أخونا عن إحدى الشركات التي تقدم الخدمات العقارية، وحيث إن أخانا كان يتطلع لشراء منزل يهنأ بالعيش فيه، ما كان منه إلا أن أخذ موعداً مع أحد مستشاري المبيعات في تلك الشركة، ليبدأ البحث عما يتطلع إليه.
وفي اليوم والوقت المحددين، اصطحب أخونا زوجته وذهب للقاء المستشار، وحين دخولهم مكتب المستشار، وبعد الترحيب دار الحوار التالي:
أخونا: إننا نبحث عن منزل يكون هو سكننا (وما كان من أخينا إلا أن يتوقع سؤال المستشار كم في بالك أن تدفع ؟!).
مستشار المبيعات: وكم عدد أفراد أسرتك؟
أخونا: ستة أفراد.
مستشار المبيعات: هل لك أن تصفهم لي؟
أخونا: ابني الكبير أحمد 12 سنة، زياد تسع سنوات، لينا ست سنوات، ودينا سنتان، إضافةً إلى زوجتي وأنا.
مستشار المبيعات: وهل تعمل زوجتك؟
الزوجة: أنا ربة منزل وأعمل وأجتهد على تربية أبنائي ما استطعت، إلا أنني مغرمة بالرسم والفن التشكيلي، وأهوى إنبات الزهور.
مستشار المبيعات: إذاً يبدو لي أن أحمد في المرحلة المتوسطة وزياد في الخامسة الابتدائية ولينا في الأول ابتدائي ودينا هي الصغيرة ... الله يصلحهما لكم.
بعد تمعن في الاستبيان الذي كان يملأه مستشار المبيعات أثناء الحوار، سأل أخونا أين تعمل؟ فأجاب في الشركة الفلانية شمال المدينة.
حينها، ابتسم ذلك المستشار وهو يقول: .. أستاذي الفاضل لدي ثلاثة حلول:
أولهـا هو في حي الشمال وهو حي جديد ومنزل يليق بعائلتكم، حيث يحتوي على أربع غرف نوم إضافة إلى صالونات الضيافة وصالة المعيشة ويتميز هذا المنزل بغرفة خارجية يمكن استخدامها كمرسم، كما يحتوي المنزل على أحواض زراعية يمكن تنسيقها بالطريقة التي ترونها مناسبة.
أما الثاني فهو غير بعيد عن الموقع الأول إلا أن غرفه أكثر فعددها خمس وهذا يجعل الغرفة الخامسة تستخدم كمرسم لكن هذا الموقع يتميز بقربه من مجمع مدارس فيه كامل المراحل، وسيسهل على أبناؤك الذهاب من البيت إلى مدارسهم والعكس دون الحاجة إلى أية مواصلات.
والثالث هو منزل مماثل ملاصق للثاني إلا أنه يقع على شارعين، وفناء المنزل أوسع من سابقيه.
عندها طار أخونا فَرحاً، وهو يقول: أنت وضعت يدك على الجرح فليس لدي سائق وأحتاج أن أرى هذين المنزلين فمتى يمكنني زيارتهما.
مستشار المبيعات: يمكننا القيام بذلك الآن، فقد خصصت لكما ساعتين من وقتي اليوم لخدمتكما.
فيا ترى متى يصل مستشار المبيعات (السمسار، الوسيط، مندوب المبيعات...إلخ في سوق العقار) إلى هذا المستوى من الاحترافية، وينظر إلى رغبات العميل في سبيل إيجاد حل وليس فقط الرغبة في البيع والحصول على العمولة ؟!
متى سيأتي اليوم الذي تكون النظرة السائدة للعقاري هي نظرة المختص وليست نظرة المقتص؟!