Author

شركات الطاقة ورأس المال العامل

|
مختص في شؤون الطاقة

استقرار أسواق الطاقة واستدامتها وسلامة شرايينها، هو عين التطور وأساس التنمية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال استقرار الدول والمجتمعات التي تواجه شحا للطاقة، أو عدم استقرار إمداداتها، وقد ذكرت مرارا وتكرارا أن الشعارات الرنانة لن تمد العالم بالطاقة، وأن الأجندات السياسية الضيقة لن تحافظ على سلامة إمداداتها، وأن توحيد الجهود والرؤى، واستغلال الوقت والموارد في رفع كفاءة استخراج واستهلاك جميع مصادر الطاقة هو عين الحكمة والخيار الاستراتيجي الأجدى على جميع الأصعدة.

السعودية وضعت أهدافا طموحة لتنويع مصادر الطاقة التي تتسق مع أهدافها لحماية البيئة، والمضي قدما بفاعلية في زيادة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة وفق رؤية السعودية 2030، ودور الطاقة الشمسية التي تعد أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة التي تشهد حراكا متسارعا على مستوى العالم، وتطورت تقنياتها تطورا لافتا في العقد الأخير ما انعكس على تكلفة إنتاجها، وجدواها الاقتصادية بطبيعة الحال، ودورها في تحقيق أهداف رؤية السعودية فيما يخص ملف الطاقة.

سلطت الضوء في المقالين السابقين على أثر الطاقة الشمسية على الاقتصاد الكلي والجزئي، وسأتطرق في هذا المقال على الشركات الوطنية الناشئة في قطاع الطاقة والتحديات التي تواجهها والتي تزامنت نشأتها مع ظروف قاسية وغير اعتيادية كجائحة كورونا التي نحرت الاقتصاد العالمي من الوريد إلى الوريد، وتبعتها الأزمة الروسية - الأوكرانية أو بمعنى أدق الحرب الروسية - الأوروبية. على رأس هذه التحديات في رأيي هو تمويل رأس المال العامل والذي تواجه الشركات الناشئة صعوبة بالغة تصل إلى حد التعجيز أحيانا بسبب الشروط الموضوعة للحصول عليه.

في اعتقادي أن هذا المشروع التنموي الكبير هو مسؤولية الجميع من مشرعين والجهات ذات العلاقة، إضافة إلى مقدمي الخدمات من الشركات، ولا يمكن استثناء العميل سواء كان منظومة أو فردا، فله دور مهم جدا في تطوير هذا القطاع والمحافظة على جودته وسلامته.

أتمنى أن تراجع الجهات التمويلية الشروط الموضوعة للحصول على تمويل، فلا يمكن وضع جميع الشركات من قطاعات مختلفة في قالب واحد، فلكل قطاع مخاطره وحيثياته الفنية والمهنية، وأقترح أن تخصص هذه الجهات برامج تمويلية تناسب هذا القطاع الواعد عالميا ومحليا، الذي نجده حاضرا في صميم أهداف رؤية السعودية 2030 للوصول إلى مزيج من الطاقة تشكل الطاقة المتجددة وعلى رأسها الشمسية 50 % منه.

بحكم قربي من هذا القطاع أعتقد أن الشركات الناشئة تحتاج إلى جهات تمويلية أكثر جرأة، تستثنيها من بعض الشروط التعجيزية! وأتمنى من الجهات ذات العلاقة تحفيز الجهات التمويلية لإطلاق هكذا برامج تمويلية تصب بلا شك في تحقيق أهداف الرؤية وتمكين الشركات الوطنية.

اعتقد أن السعودية تسابق الزمن وتقود قطاع الطاقة العالمي، وجهود وزارة الطاقة والجهات ذات العلاقة تذكر فتشكر، ومن الطبيعي أن تستجد بعض التحديات والعقبات على المنظومة بجميع أركانها كون هذا القطاع جديد نسبيا وسيصل بإذن الله إلى مرحلة النضج في زمن قياسي بالعمل التكاملي وتوحيد الجهود والتي تصب أخيرا في تحقيق رؤيتنا الطموحة التي يعد قطاع الطاقة أحد أركانها الرئيسة.

إنشرها