Author

أثر الطاقة الشمسية في الاقتصاد الجزئي

|
مختص في شؤون الطاقة

عودا على بدء، ذكرت في المقال السابق أن موضوع الجدوى الاقتصادية لإنشاء محطة طاقة شمسية للقطاعات المختلفة سواء القطاع السكني، أو التجاري، أو الصناعي، أو غيرها يستحق في اعتقادي عشرات المقالات، لتفنيد بعض المفاهيم الخاطئة عن محطات الطاقة الشمسية. حيث إن هناك صورة ذهنية خاطئة لدى البعض، وهناك أيضا بعض الممارسات الخاطئة من مقدمي الخدمات في القطاع الخاص.

نوهت بأن مزيج الطاقة هو توجه عالمي وأن السعودية في مقدمة الدول التي تعي يقينا أهمية رفع كفاءة إنتاج واستهلاك جميع مصادر الطاقة دون تهميش أي مصدر من مصادر الطاقة، حيث إن العالم ينمو بصورة متسارعة، والصناعة تتوسع بصورة كبيرة، والمدنية هي هدف رئيس لجميع دول العالم، وعلى وجه الخصوص الدول النامية، ولا يستقيم في اعتقادي أبدا تحقيق ما سبق في منأى عن الطاقة، فهي قلب التطور النابض، وشريان الصناعة الرئيس، والعمود الفقري للرفاهية والاستقرار الاجتماعي والمدنية.

سلطت الضوء في المقال السابق على أثر الطاقة الشمسية في الاقتصاد الكلي، وبالتالي القيمة المضافة للاقتصاد السعودي من هذا التوجه، بل هو هدف رئيس من أهداف رؤية السعودية 2030، فما أثرها، وأعني هنا في الاقتصاد الجزئي؟ سأتناول في هذا المقال بإيجاز أثر الطاقة الشمسية في المستهلكين "الأفراد"، وفي مقال لاحق سأسلط الضوء على أثرها في القطاع الخاص، كمقدم للخدمة أو مستفيد منها، وأثرها في كليهما، والعقبات والتحديات التي تواجههما. فيما يخص الأفراد، أود أن أشير إلى أن الطاقة الشمسية هي استثمار مجد في كثير من الأحوال، وذلك بالاستثمار بناء على فترة استرداد رأس المال المدفوع لإنشاء محطة الطاقة الشمسية في المنازل، التي تختلف بناء على كثير من العوامل. أهم هذه العوامل التي تنعكس على الجدوى الاقتصادية للاستثمار هو المساحة المتاحة "الفاعلة" لتتم تغطيتها بألواح الطاقة الشمسية، وأيضا كمية الاستهلاك الفعلية للكهرباء وسلوك المستهلك، وكذلك الظلال إن وجدت، ومدى تأثيرها في المساحة المخصصة لألواح الطاقة الشمسية.

الجدير بالذكر أن هناك بعض الحالات ليست مجدية اقتصاديا فيما يخص الاستثمار في محطات الطاقة الشمسية للمنازل، فقد وقفت شخصيا على طلب أحد العملاء ووجدت أن المساحة المتاحة والفاعلة لألواح الطاقة الشمسية صغيرة جدا، إضافة إلى كمية الاستهلاك البسيطة للكهرباء في ذلك المنزل. عند عمل التصميم المطلوب وتقرير الجدوى الاقتصادية وجدنا أن إنشاء محطة للطاقة الشمسية لن يوفر إلا نحو 8 % من الاستهلاك، وعليه فإن فترة استرداد رأس المال تتجاوز 12 عاما، فكانت التوصية بعدم إنشاء محطة الطاقة الشمسية لضعف الجدوى الاقتصادية! في المقابل وقفت على بعض المشاريع تصل فيها فترة استرداد رأس المال إلى نحو ثلاثة أعوام وأكثر قليلا، بسبب المساحة الكبيرة المتاحة والفاعلة لألواح الطاقة الشمسية وكمية الاستهلاك المرتفعة.

ما يهمني هنا أن أوضح أنه ليس من الممكن مقارنة منزلين لهما نفس المساحة فيما يخص الجدوى الاقتصادية، فهناك عوامل قد تجعل الفرق بينهما كبيرا، منها كما ذكرت سابقا المساحة المتاحة والفاعلة لألواح الطاقة الشمسية، وكمية الاستهلاك الفعلية وتأثير الظل في المنظومة.

إنشرها