Author

جهود التوطين وإمدادات الطاقة العالمية

|
مختص في شؤون الطاقة

قطاع الطاقة -في اعتقادي- هو أهم القطاعات الاستراتيجية التي تعتمد عليها جميع القطاعات الأخرى بصورة مباشرة وغير مباشرة، فهي -أعني الطاقة- قلب التطور النابض، والعمود الفقري للصناعة، وعربون المدنية والرفاهية الاجتماعية. لا يمكن أن توضع الاستراتيجيات على مستوى الدول بمنأى عن الطاقة، كإحدى أهم الركائز، بل الأهم -في رأيي- لتحقيق أهداف هذه الاستراتيجيات التي تنعكس بطبيعة الحال على الاقتصاد الجزئي أيضا، فسلامة الإمدادات واستدامتها تعنيان بالضرورة استمرار عجلة التنمية في الدوران.
المملكة كانت وما زالت وستبقى -بإذن الله- صمام أمان منظومة الطاقة العالمية، وما تقوم به في ضبط إيقاع أسواق النفط لهو ترجمة حرفية لجوهر سياستها لإنتاج النفط التي تهدف إلى أسعار مناسبة وعادلة تخدم المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وليس كما تحاول بعض الجهات تصويره، برسم صورة ذهنية غير صحيحة البتة عن "أوبك" بقيادة السعودية. رؤية السعودية الطموحة 2030، التي نفخر بها ونفاخر، تعي يقينا ضرورة هذا القطاع الاستراتيجي، بل أستطيع القول تعي يقينا أهمية هذا القطاع الوجودي، وعليه، نجد على أرض الواقع جهودا كبيرة لتحقيق الريادة لهذا القطاع، الذي يشمل أنشطة النفط والغاز، وقطاع المياه والمرافق، ويشمل أيضا قطاع البتروكيماويات، والهيدروجين والاقتصاد الدائري للكربون، وبلا شك قطاع الطاقة المتجددة والنووية.
السعودية تسعى بكل قوة إلى رفع كفاءة استخراج واستهلاك جميع مصادر الطاقة المتاحة لها، وتعي أن العلاقة بين مصادر الطاقة هي علاقة تكاملية، وليست علاقة تفاضلية تستوجب تهميش أحد مصادر الطاقة أو تقويض صناعته! ترتكز جهود وزارة الطاقة التي لا تحجب بغربال على تأطير وتنظيم عملية إمدادات الطاقة لكافة المستهلكين في المملكة وسلامة إمداداتها، وجودة خدماتها واستدامتها، وأيضا على المستوى العالمي تسعى المملكة إلى تعزيز مكانتها ضمن خريطة إمدادات الطاقة من خلال ضخ الاستثمارات التي تعزز موقعها كقائد حقيقي وفاعل لأسواق الطاقة عالميا. يستهدف قطاع الطاقة السعودي الوصول إلى نسبة تطوير لهذا القطاع تصل إلى 75 في المائة بحلول 2030، وتمثل منظومة قطاع الطاقة منظومة متكاملة الخدمات ومتعددة الآفاق وتعمل بنهج ذي كفاءة ومرونة لتحقيق تطلعات حكومتنا الرشيدة وتطلعات رؤية المملكة 2030.
يتحقق هذا التكامل من خلال التناغم في الجهود والتوجهات والتطلعات الاستراتيجية ما بين المملكة والدول الشريكة لضمان استدامة إمدادات الطاقة عالميا وتحقيق تأمينها وانتشارها لأرجاء الأرض، إضافة إلى استهداف تطوير سلاسل توريد الطاقة من خلال التعاون الاستراتيجي بين الشركاء العالميين في قطاع الطاقة لتعزيز وتمكين فرص الاستثمار لسلسلة قيمة الطاقة العالمية وتحقيق الاستقرار. التعاون العالمي له آثار إيجابية منها -على سبيل المثال- نقل المعرفة وتوطين الصناعات في قطاع الطاقة، وتعزيز الابتكار، وتطوير مراكز الأبحاث والتطوير الناتج عن تلاقح الأفكار بين الشركاء.
من المكاسب أيضا التي لا يمكن تجاهلها حصر الفرص الاستراتيجية للمعادن والمواد الخام والتعاون حولها، وكذلك رفع القدرات التقنية التي ترفع كفاءة هذا القطاع. لهذا القطاع أهداف طموحة منبثقة من رؤيتنا المباركة لتطلعات القطاع، وتتحرك منظومة الطاقة بجميع شركائها بفاعلية وجهد مبارك لتحقيق هذه الأهداف مستغلة جميع الأدوات المتاحة بكفاءة من موارد وشركات استراتيجية وأبحاث ومشاريع نوعية.

إنشرها