default Author

من يتحمل مسؤولية أخطاء الشركات؟ «2 من 2»

|
إذا ما أمعنا النظر في البنوك التي باعت سندات الرهن العقاري الأمريكي وكانت سببا في الأزمة المالية العالمية، فهل نضع اللوم على التصرفات الجشعة للأشخاص، أو ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار الثقة الزائدة التي أسهمت في حدوث هذه الكارثة؟ وإلى أي درجة يجب إلقاء اللوم على الشركة والإدارة العليا اللذين سمحا بحدوث هذه التجاوزات على غرار مارتن وينتيركورن الرئيس التنفيذي السابق لـ"فولكس واجن" الذي قد يكون وافق ضمنيا أو شجع على مثل تلك الأفعال؟ ومن الخطر تحميل الشركة مسؤولية الأفعال غير المشروعة، فالأشخاص الشرفاء سيتحملون العواقب، والمسؤولية الفردية عن تلك الأفعال لن يتحملها أحد. بحسب إيان ميتلاند، أستاذ في كلية كارلسون للإدارة بجامعة مينيسوتا، فإن تحميل الشركات المسؤولية الأخلاقية والقانونية قد يشجع على إيجاد مؤسسات لا تتمع بالشفافية، تسمح للأفراد بالتصرف دون الشعور بالخوف من العواقب، وذلك بدوره يوجد كبش فداء يحول المسؤولية القانونية عن التنفيذيين والمديرين، والموظفين الذين ارتكبوا أفعالا خاطئة. وإضافة إلى ذلك، إخضاع الشركات للعقاب الجنائي ككيانات جماعية، يتنافى مع المبادئ الأساسية للمجتمع الليبرالي. ويشير جون هسناس، أستاذ أعمال في جامعة جورج تاون، إلى أن معاقبة الشركة، من خلال فرض غرامات أو قيود، أشبه بفرض العقاب على الأشخاص الأبرياء، بما في ذلك الموظفون والمستهلكون والمساهمون. في المقابل، يرى آخرون أن الشركات لها صوت يمثلها بشكل مستقل، إن لم يكن يعكس توجهات الأفراد فيها. هذا الصوت الذي أشار له فيليب بوتيت، أستاذ في السياسات والقيم الإنسانية في جامعة برينستون، تأكيدا منه أن الشركات جاهزة لتحمل المسؤولية الأخلاقية، لاسيما فيما يتعلق بالإجراءات التي تنتهك التوقعات. يجدر الأخذ بعين الاعتبار احتمالية كون الشركات تتحمل مسؤولية أخلاقية حتى في حال عدم مشاركة موظفيها تماما لهذا التوجه، بحسب ميشيل براتمان، أستاذ الفلسفة في جامعة ستانفورد. ما يذكرنا بوصف دون شتاينبيك للبنوك في "عناقيد الغضب": "وحوش مجهولو الهوية، شيء أكبر من الأشخاص... كل شخص في البنك يكره ما يفعله البنك، ومع ذلك يستمر البنك بفعل ذلك". لا يعني ذلك ألا يتحمل الأفراد المسؤولية أيضا. فمن العدل على سبيل المثال، أن تكون الشركة مسؤولة عن توزيع الأغذية الملوثة، في الوقت ذاته يفترض أن يتحمل الموظفون المتهاونون في أداء واجبهم جزءا من المسؤولية عن دورهم في الفضيحة أيضا. أثيرت لأول مرة فكرة الوكالة الأخلاقية للشركات وعما إذا كان ممكنا شخصنة الشركات من قبل بيتر فرينش، أستاذ الفلسفة في جامعة أريزونا، حيث ذكر في ورقة عمل صدرت عام 1979 تحت عنوان "الشركات كشخص افتراضي". وعلى الرغم من ورود تلك الفكرة لاحقا في عدة مناسبات، إلا أن النتائج العملية لهذه القضية توسعت، وما زالت المناقشة مستعرة. على الرغم من الاختلافات الفلسفية التي ستستمر لسنوات عدة، يتفق معظم الباحثين على أنه ينبغي على الشركات بذل مزيد من الجهود لإيجاد ثقافة لا يتم التغاضي في ظلها عن السلوك السيئ أو تجاهله، ولا يتم السكوت عن الأفعال الخاطئة، بل يتحمل مسؤوليتها كل من الأفراد والمؤسسة. وتقدير المسؤولية الأخلاقية في الشركات من شأنه أن يتيح للمديرين هيكلة الحوافز والقواعد والسياسات الداخلية لتحقيق الأهداف المرجوة للشركات بشكل أخلاقي، ما يساعد أيضا على توفير إطار قانوني ملائم يشجع على السلوك الجيد في العمل.
إنشرها