default Author

الدروس المستفادة من قادة الشركات «2 من 2»

|


عندما تم اكتشاف تحايل شركة فولكسفاجن من قبل خبراء انبعاثات الغازات كانت حكومة كاليفورنيا حينها تنظر في الأمر أيضا. لم يقر الرئيس التنفيذي للشركة بمسؤوليته عما حدث، وكبد الشركة خسائر تعادل 30 مليار دولار، بل وكما حدث في قضية "ويلز فارجو"، ألقت الإدارة بالمسؤولية على الموظفين. عندما واجهتهم هيئة كاليفورنيا للموارد الجوية، حاول المديرون في شركة فولكسفاجن التشكيك في نتائج اختبارات الانبعاثات، وتطلب الأمر عاما كاملا للاعتراف بأن سياراتهم مبرمجة بشكل مختلف لتجاوز الاختبارات. مع هبوط سعر السهم، نفى فنتركون علمه بالأمر وأشار إلى الأخطاء القاتلة. تنصلت الشركة من مسؤوليتها أمام الكونجرس الأمريكي، كما أقالت عشرة تنفيذيين خلال الأسابيع الستة التي تلت الفضيحة. عقب طرد أكثر من خمسة آلاف موظف، تمسكت الإدارة العليا في "ويلز فارجو" بموقفها وأصرت على أن السلوك غير الأخلاقي للموظفين لا يعكس ثقافة الشركة. وبحسب زميلي تشارلز جلينيك، فإن إقالة 2 في المائة من القوى العاملة يكشف عن الأفكار الخاطئة حول الثقافة المؤسسية. لا تزال الأمور تتكشف حول الفضيحة غير الأخلاقية لموظفي "ويلز فارجو". على سبيل المثال، قاموا بتحريف معلومات حول الدخل في أوراق القروض ما كان له دور كبير في حدوث الأزمة المالية في 2008 بحسب الحكومة الأمريكية. ويقوم البنك حتى اليوم بإعادة المبالغ للعملاء الذين أضيفت لهم خدمة التأمين على الحيوانات الأليفة.
ادعت كل من "فولكسفاجن وويلز فارجو"، أنه تم إلقاء التفاحة الفاسدة من الشركة، ولكن لا يزال يوجد أشخاص ممن يتقلدون أعلى المراتب يمتلكون المبادئ البالية ذاتها. من جهة أخرى، تواجه "أوبر" قضايا أخلاقية منذ بدايتها وخلال سبع سنوات، ما أسهم في حدوث خلل في ثقافتها المؤسسية.
لا تتحمل "أوبر" أيضا مسؤولية سائقيها، وواجهت الإدارة عديدا من القضايا الأخلاقية الجوهرية. فعند تأسيسها في 2010 تحت اسم UberCab في سان فرانسيسكو، لم يكن ترخيصها يجيز لها العمل كشركة نقل، وهو ما اضطر حكومة كاليفورنيا لإيقافها. فقامت حينها بتغيير بسيط من خلال إلغاء كلمة cab من الاسم، لتبدأ انطلاقة "أوبر". كان ترافيس كالانيك، الشريك في الشركة الناشئة، مؤيدا لنهج المواجهة، وأخذه لأعلى المستويات. على سبيل المثال، على الرغم من حظر UberPOP في فرنسا، طلبت الشركة من سائقيها الاستمرار في العمل، إلى أن ألقي القبض على كبار مسؤوليها.
على الرغم من إقالة كالانيك من منصبه كرئيس تنفيذي في 2017، ما زالت الشركة تواجه مشكلات حول العالم، بما في ذلك إسبانيا. فالمعايير الثقافية التي أرسيت عقب مغادرة كالانيك، أظهرت إدراك "أوبر" لواجب إصلاح ثقافتها المؤسسية. وتبنى دارا خسروشاهي الرئيس التنفيذي القادم من "إكسبيديا" شعارا جديدا لـ"أوبر": "نعمل ما هو صحيح".
بالنسبة لشركات مثل ويلز فارجو، وفولكسفاجن، يتعين عليهم إجراء تحول جذري في الثقافة المؤسسية للشركة. ففي الوقت الذي شرع فيه الرؤساء التنفيذيون للشركتين في الاستقالة دون الإقرار بمسؤوليتهم عما حدث، وخلافا لما حدث في "أوبر"، تم استبدالهم بأشخاص يحملون ثقافة الشركة نفسها. فعندما تواجه الشركة مشكلات عدة، يتعين على الإدارة العليا مراجعة سياستها لمعرفة أسباب الخلل.
سبق أن تناولت الآثار الفلسفية للمسؤولية في الشركات التي تتبع نهجا خاطئا. ففي الوقت الذي يتعين فيه على الأفراد تحمل المسؤولية العظمى عن أفعالهم، تتحمل الشركة ككيان جزءا من تلك المسؤولية، على الأقل نتيجة الأهداف التي وضعتها الإدارة العليا والثقافة التي نشرتها بين الموظفين. في حالة "فولكسفاجن، وأوبر، وويلز فارجو"، يتعين على الإدارة التفكير في عواقب أفعالها، والترويج لثقافة مؤسسية تلهم الأشخاص الذين يتبعونها لتحقيق النتائج المطلوبة دون خروقات قانونية. حازت دراسة نشرتها بعنوان: "فضيحة الانبعاثات في فولكسفاجن .. كيف حدث ذلك؟" على المرتبة الثانية في مسابقة استدامة الشركات لعام 2018 أجرتها مؤسسة oikos. أما في عام 2017، فقد حصلت على المرتبة الثانية مقالة لي بعنوان: "أوبر وأخلاقيات المشاركة .. استكشاف المسؤوليات والوعود المجتمعية في الاقتصاد التشاركي".

إنشرها