Author

مرضى جبر الخواطر .. ومواعيدهم

|

المجاملة شر لا بد منه نفعله في معظم الأحيان، وفي معظم أوجه الحياة رغم تضجرنا منها.. وإذا قبلنا جدلا مثل هذا الكلام في حياتنا العادية، إلا أنه في المجال الطبي يجب أن نتوقف مرارا وتكرارا قبل القيام بذلك لأنها ببساطة تعني تدني المستوى الصحي.
ولكي أدلل على صحة ذلك، اسمحوا لي بأن أذكر بعضا من صور المجاملة الطبية التي نعايشها بشكل يومي داخل العيادة:
- بعد الانتهاء من الاستشارة الطبية تطيب نفوس بعض المرضى للسواليف الاجتماعية التي أحيانا تستغرق وقتا أطول من الاستشارة الطبية، ويصعب على بعض الأطباء "الخجولين" إيقاف "السولفجي" عند حده، ولا ينقذ الطبيب إلا قول الممرضة: بابا فيه مريض ثاني!
- يلح معظم المرضى في الحصول على موعد قريب، حتى إن لم يكن هناك حاجة إلى ذلك. والمكاسرة في المواعيد أمر مألوف يوميا حتى لو كنت أعطيت أحدهم موعدا بعد أسبوعين لقال لك: "وليش ما نخليه عقب أسبوع!"، وكأنها دايرة أسبوعية، وهذا يحرم كثيرين من المرضى النظاميين.
- كثيرا ما يطالب المريض بعلاجات "أدوية" لمدة أشهر طويلة لكي يخفف من زياراته المتكررة للصيدلية، وقد يكون له في ذلك وجهة نظر، لكن الواقع هو الذي يحكم، فأخذ المريض لعلاجات أكثر مما يحتاج إليه قد يحرم مريضا آخر بحاجة إلى الدواء نفسه.
- في معظم الأحيان يكون وقت العيادة محدودا، وعدد المرضى أكثر من المطلوب، خاصة مرضى جبر الخواطر الذين يأتون دون موعد مسبق، وهو ما يزيد في تأخير العيادة وضجر المراجعين.
- من أكثر الأشياء التي تزعج الطبيب في العيادة هي مرافقة المريض إذا طلب فحصه، حتى إن بعض الآباء يستغل الموعد بأن يحضر أفراد أسرته الكريمة للفحص الشامل، ناسيا أو متناسيا أنه سيؤخر المريض الذي يليه.
- "الجوال".. إما أن تكون طبيبا مثاليا وتغلقه داخل العيادة، وهذا هو الأفضل، وإن كان بعضهم يفسر ذلك بالتهرب و......، أو أن تفتحه على مصراعيه، والله يعين المريض إذا كان الطبيب من أصحاب العلاقات العامة، فهذا يطلب منه تقديم موعد وآخر تأخيره، وذاك يطمئن عن ابنة جارة أخته من الرضاعة التي تعاني طفحا جلديا بسيطا منذ شهرين، حتى إنني أعرف بعض الأطباء قد تخلوا عن الجوال تماما، لهذا السبب.
- كل هذه الأمور تحدث داخل العيادات، والطبيب يجامل ويبتسم "ابتسامة صفراء في الغالب"، والضحية هو المريض.
فيا مرضانا الكرام، ليرفق بعضكم بعضا، ولا أبرئ نفسي ولا إخواني الأطباء من المشاركة في هذه الأخطاء، ولكن لنسدد ولنقارب. لنرتقي بخدماتنا الطبية للأفضل.
 

إنشرها